كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

هذا أوفَرُ أهل الحَضْرة مالًا وأعظمُهم جاهًا، وهو بَلَدِيُّه، وقد انتَفعَ به كثيرًا في طريقتِه التي بها رَأَسَ وبالاستعمالِ فيها شُهِر، وهي الكتابةُ عن السلاطين (¬1)، فلم تَجْرِ له على يدِه قَطُّ منفَعةٌ ولا نالَ من قِبَلِه ولا بسببِه فائدة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وكان رحمه اللهُ كثيرًا ما يقولُ وسمِعتُه غيرَ مرّة منه: إنّ من أكبرِ أمنياتي على الله أن أُعمَّرَ عُمرَ أبي، ويقول: إنّ أباه توفِّي ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا، فلمّا كان منتصفُ جُمادى الأُخرى من عام وفاتِه أقبَلَ إلى دُكّانِه الذي كان يتَصدَّى فيه لعَقْد الشروط فصَعِدَ إليه وقعَدَ منه بموضعِه المعلوم له، واستَعْبَرَ طويلًا وأنا حاضرٌ، ثم قال: اليومَ بلغتُ من السِّنِّ ما كنتُ أتمنّى على الله أن يُعمِّرَنيهُ، فأنا اليومَ ابنُ ثنتينِ وثمانينَ سنة، ثم عاشَ بعد ذلك شهرَيْنِ وعشرينَ يومًا. وكان مولدُه فيما أخبَرَني به غيرَ مرّة ونقَلتُه من خطِّه في السدُّسُ الأوّل من ليلة يوم الأحد لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة عامَ خمسة وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي رحمه اللهُ بمَراكُش ودُفن بجَبّانةِ الشّيوخ لأربع أو خمسٍ خَلَوْنَ من رمضانِ سبع وخمسينَ وست مئة.
حدَّثني الشّيخُ المُسِنُّ الأديبُ أبو القاسم البَلَويّ رحمه الله إجازةً إنْ لم يكنْ سَماعًا، قال: حدّثنا الراويةُ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال إجازةً قال: أخبَرَنا الشّيخُ أبو محمد بن عَتّاب قراءةً منّي عليه غيرَ مرّة، قال: حدّثنا الحافظُ أبو عُمرَ عثمانُ بن أبي بكر بن حَمُّود الصَّدَفُّي السَّفَاقُسِيُّ إجازةً، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الله الناقد بأصبَهانَ، قال (¬2): حدّثنا محمدُ بن أحمد أبو بكرٍ المُفيدُ، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الرّحمن السَّقَطيُّ، قال: حدّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرَنا عاصمٌ الأحوَل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الموتُ كَفّارةٌ لكلِّ
¬__________
(¬1) في ق: "السلطان".
(¬2) حلية الأولياء 3/ 121.

الصفحة 625