كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

لا بل تضَوَّعَ تُربُها إذ قُدّست ... بمُقدَّس المثوى من الأدناسِ
نَمَّت شمالُ زكائِه بشمائلٍ ... أزهَتْ بعَرْف الغارِ والبسباسِ
فتعرَّفَ الموتَى نَعيمَ جِوارِهِ ... واستَشعرَ الأحياءُ وَقْعَ الباسِ
يا كدْيةَ الخَيْل انعُمي واستأنِسي ... إذْ لا سبيلَ بحمصَ لاستئناسِ (¬1)
رَغْسًا (¬2) لمنْبِتِكِ النَّباتيُّ الرِّضا ... قد حانَ منه فيك حينَ غِراسِ
طوَتِ الصّفائحُ جسمَه وسِماتُهُ ... منشورةٌ بصحائفِ الأطراسِ
بَذَرَ المعارِفَ في رِياضِ سُطورِها ... فاستَحصَدتْ واستَأذنَتْ بدِراسِ
فادرُسْ تَجِدْ حَبَّ المعاني كامِنًا ... بِسنابلٍ نَبتَتْ من الأنفاسِ
يا حبَّذا منها لوَسْواسِ الأسى ... راقٍ ومن داءِ الجَهالةِ آسِ
كيف الثَّواءُ بظَهْر أرضٍ بعدَما ... قد حَلَّ باطنَها أبو العبّاسِ
عجَبًا لواهي الخَلْق مثلُ شديدِهِ ... كيف استقَلَّ بطَوْدِ علمٍ راسِ؟!
لا بل تعَلَّق من حِبالِ لطائفِ الـ ... ـــــوْلى الحكيم بمُحْكَم الأمراسِ
وتجرَّدتْ من رُوحِه أعضاؤه ... لمّا استعاضَ من الثّرى بلِباسِ
وغدَا السّرورُ سريرَه في لحدِهِ ... طُوِيَتْ معَ الإيثارِ والإيناسِ
سل نعشَهُ: هل في انتعاش عُفاتِهِ ... طمعٌ وراكبُه رهينُ الياسِ؟
تَعْسًا له من مَرْكَبٍ لا يُمتطَى ... إلا لمصرَع كَبْوةٍ وشِماسِ
يَهوِي براكبِهِ لأسفلِ أخمصٍ ... من بعدِ محمَلِه بقُنّةِ راسِ
هيهاتَ داءُ الموتِ قد أعيا الورَى ... فيه علاجُ مجرِّب ونَطاسي
¬__________
(¬1) كدية الخيل: موضع بظاهر إشبيلية وفيه دفن النباتي، وحمص: إشبيلية.
(¬2) في ق: "وغسا"، الرغس: النماء والبركة.

الصفحة 690