كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

مَنْ ذا يُطَهِّرُ بالإماطةِ سُنّةً ... تشكو أذى الآراءِ والأقياسِ؟
مِنْ ذا يُعالجُ داءَها من حِفظِه ... بعلاج لا ناسٍ ولا متَناسِ؟
جارَيْتُ فُرسانَ العلوم ففُتَّهمْ ... وأَتَى جَوادُك أوّلَ الأفراسِ
لو كنتَ في الماضِينَ جيتَ مقدَّمًا ... في حَلْبةِ القُطّانِ والفُلّاسِ
ولكان في عِلم النّباتِ أبو حنيَـ ... ـــــفةَ (¬1) من ذكائِك فازعًا لسَواسِ
لله دَرُّك مُسرِجًا من فهمِهِ ... في كلِّ مَظلمةٍ سَنَا نِبراسِ
ومجرِّدًا من عَزْمِه صَمْصامةً ... موصولةً من دينِه برئاسِ
هزَمَ القياسَ بعَسْكرٍ من مُسنَدِ الـ ... آثارِ لا مَيَلٍ ولا أنكاسِ
قَسَمَ الزّمانَ على مراتبِ قسمةٍ ... لم يَعْدُ فيها عادةَ الأكياسِ
وَفَّى العلومَ حقوقَها فيها ولم ... ينقُصْ حبالَ عهودِها بتَناسِ
هذا الحريريُّ (¬2) الذي وَشَّى بما ... أمْلَتْ عُلاه ملاءةُ القِرطاسِ
أبدَى به تلك الحُلى لمّا اختفَى ... ذاك المُحَيَّا عن عيونِ الناسِ
شَقَّ الوفاءُ كمامَ فكرتِه فما ... أذكَى أزاهرَ أيْكِها المَيّاسِ
نَظَمَ المناقبَ في سُلوكِ سطورِهِ ... نَسقًا كنَظْم الدرِّ في الأسلاسِ
فجعَلْتُ أنثُرُ أدمُعي لنِظامِها ... طَرَبًا وأستَرْقي بها وَسْواسي
أسَفي لأحمدَ لسْتُ أحمَدُ بعدَهُ ... نُعمى ولا أُبدي مَذَمّةَ باسِ
خَلِّ الزّمانَ يدورُ إنّ صُروفَهُ ... قد آذنَتْنا فيه باقعنساسِ
¬__________
(¬1) يقصد أبا حنيفة الدينوري، وكتاب النبات له لم يُرَ في معناه مثله كما قال الأنباري أبو البركات في نزهة الألباء: 240 (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم).
(¬2) يقصد أبا محمد بن قاسم الحرار صاحب المجموع في مآثر النباتي السابق ذكره.

الصفحة 692