كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

ثلاثونَ عامًا قد تَوَلَّت كأنَّها ... حُلُومٌ تَقَضَّت أو بُرُوق خواطفُ
وجاءَ المَشِيبُ المُنْذرُ المرءَ أنَّه ... إذا رَحَلَت عنه الشَّبيبةُ تالفُ
فيا أحمد الخَوان قد أدبر الصِّبا ... وناداك من سِن الكُهولة هاتفُ
تنقلتَ من أرضٍ لأرضٍ تَعَلّلًا ... وحالك فيما قد تقدَّمَ واقفُ
وهل ينفع الترحالُ بالجسم عاريًا ... إذا لم يكن قَلْب لذاك موالفُ؟!
أقَمْنا زمانًا في بَلَنْسِيَةٍ عسَى ... تُلاطِفُ نفْسي من إلهي لطائفُ
وصاحَبَني في الله أكْرَمُ صاحبٍ ... حَمُولٌ لأعباءِ المودّةِ عارفُ
سَمِيِّي صَفِيِّ نُورُ عَيْني وخاطري ... أخٌ تالدٌ لي في الإخاءِ وطارفُ
وها نحنُ إن شاء الإلهُ بحكمةٍ ... نَعودُ من الأوطانِ والدّمعُ ذارِفُ
مخافةَ أن كنّا عَصَيْنا إلهَنا ... وقيلَ لنا: ما قد فعَلْناهُ زائفُ
وإنّي لأرجو من إلهي وفَضْلِهِ ... رَجَاءَ فتًى شابَتْه منه مَعارفُ
قال شيخُنا أبو عليّ: انتهَى ما حَفِظَ شيخُنا أبو الحَسَن من هذه القصيدة.
وأنشَدَنا لنفسِه مُعارِضًا لها ومُبتدئًا بالصَّدرِ من البيتِ الأوّل من قطعة الوليد ابن الفَرَضي، والتزَمَ أبو الحَسَن من القافِ قبلَ رَوِيِّها ما لا يَلزَمُ فقال:
أسيرُ الخَطايا عندَ بابِكَ واقفُ ... تَقيَّدَ في كُثْبانِها فهْو حاقِفُ
يُفيضُ من الخوفِ الدّموعَ كأنهُ ... لشِدّةِ ما يَلْقَى من الحُزنِ ناقفُ
رأى أنّ أهلَ الجَدِّ فاتوا فدَأْبُهُ: ... سألتُكمُ بالمِشعَرَيْنِ ألَا قِفوا
قِفوا لمسيءٍ أوبَقَتْهُ ذنوبُهُ ... وأوثقَه منهنّ أيدٍ ثَواقفُ
خُطاه إلى فعل الجميل قصيرةٌ ... ولكنْ خَطاياهُ طِوال أساقفُ
يُواقفُ مَوْلاه مُصِرًّا بذَنْبِهِ ... أتعْرِفُ يا مغرورُ رَبًّا تُواقفُ؟!
وضَلَّت به أفعالُهُ سُبُلَ الهُدى ... وأسكَرَه من غَيِّهنّ قَراقفُ
إذا ما هَدَى من فكرةِ الغَيِّ خاطرٌ ... تَلقَّاهُ من فعل الجوارحِ لاقفُ

الصفحة 723