كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

ويُفهم من كلام ابن عبد الملك أنّ له قصائدَ ومدائحَ في الوالي المِلْيانيِّ، وأنّ القصيدةَ المشار إليها هي أولى قصائده فيه؛ فقد أورد في السِّفر الأول قطعة لابن عَمِيرة المخزوميِّ آخرها:
أولئك جادوا والزّمانُ مساعدٌ ... وجُدتَ لَعَمْري وهو غيرُ مُساعدِ
وعقَّب على ذلك بقوله: "وقد ألمَمْتُ بمعنى البيت الأخير من هذه الأبيات فقلت من قصيدة طويلة أمدَحُ بها الفقيهَ الرئيس الأطول أَبا عليّ عُمر ابنَ الفقيه الأجلّ العَلَم الشهير أبي العبّاس المِلْيانيَّ وَصَلَ اللهُ أسباب سعادته، وهي أول ما رفعت إليه:
يا مَن يقيسُ به سواه في النَّدى ... ألغَيْتَ في النظر اعتبارَ الجامعِ
هذا يجودُ وفي الموانع كثرةٌ ... وسواه ضَنّ معَ ارتفاع المانعِ"
وهذان البيتان يمثِّلانِ لِما ذكرتُه من استخدام ابن عبد الملك لمصطلحات العلوم في نظمه، وهذا زيادة على استمداده من محفوظه الشعري.
ولم نقفْ، فيما بين أيدينا، على غير هذه القصيدة في مدح الرئيس المذكور، ولقد أشار ابنُ الزُّبير في ترجمة ابن عبد الملك إلى أنه كان "شاعرًا مجيدًا امتدح بعضَ كُبراء وقتِه". ولا نعرف الآنَ من هؤلاءِ الكُبراء إلا الرئيسَ المِلْيانيَّ، كما أننا لا ندري أمَدَحَ بعضَ ملوك بني مَرِين الذين عاصرهم أم لا.
ومهما يكن الأمرُ فإنّ ابن عبد الملك -على ما يبدو- ظَلَّ على صلة بالوالي المِلْيانيّ إلى حين نكبتِه التي تحدّثَتْ عنها المصادرُ التاريخية (¬1)، وخلاصتُها ما ذكره الناصِريُّ في "الاستقصا"، قال: "ولمّا هلَكَ السلطان يعقوبُ ووَلِيَ بعدَه ابنُه يوسُف استَعمل أَبا عليّ المِلْيانيَّ على جباية المصامدة، فباشَرَها مدة، ثم سعى به شيوخُ المصامدة عند السلطان بأنه احتَجن المالَ لنفسه، فأمَرَ السلطان بمحاسبته
¬__________
(¬1) العبر 6/ 656 - 657 و 7/ 401، 479، والاستقصا 3/ 42، 77.

الصفحة 90