كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
فحوسب، وظهرت مخايلُ صِدقهم عليه فنَكَبَه السلطانُ يوسُفُ أولًا ثم قتَلَه ثانيًا" (¬1). وقد كان لنكبة هذا الوالي المِلْيانيِّ ذيولٌ تمثّلت في حادثَيْن بارزَيْن يُعَدّان من أغرب حوادث العصر المَرِينيِّ الأول، أوّلُهما: افتئاتُ أحمدَ المِلْيانيِّ -ابن أخي المِلْيانيِّ المنكوب- على السلطان مخدومه بتزويرِه كتابًا على لسانه يأمُر فيه ولدَه أميرَ مَرّاكُش بقتل شيوخ المصامدة المعتقَلين، وقد فعَلَ هذا انتقامًا لعمِّه وأخذًا بثأره.
والحادثةُ الثَّانية هي: فتكُ الخَصِيِّ سعادةَ بالسلطان يوسُف بن يعقوبَ سنة 756 هـ، وهذا الخصيُّ كان مملوكًا لأبي عليّ المِلْيانيِّ الذي أهداه إلى السلطان المذكور.
ولسنا نعرفُ مدى انعكاسات الأحداث المذكورة والآثار التي يمكنُ أن تكونَ لها على ابن عبد الملك نظرًا لصِلته بالمِلْيانيّ، ولكن تجدُرُ الإشارة إلى أنّ هذه الصّلةَ كما تحدَّث عنها كانت في عهد السلطان يعقوبَ بن عبد الحق.
أمّا في عهد ولده السلطان يوسُف (685 - 706 هـ) فقد شَغَل ابن عبد الملك خُطةَ قضاءِ الجماعة بمَرّاكُش، ولم يحدّد ابن أبي زَرْع تاريخَ ولايته هذه الخُطة، وإنّما عَدّه في جُملة من تولَّوا هذه الخُطةَ على عهد السلطان المذكور، فقال: "وقُضاته بحضرة مَرّاكش: الفقيه أبو فارس العمْرانيّ، والفقيهُ أبو عبد الله السَّقَطي، ثم الفقيهُ أبو عبد الله ابن عبد الملك" (¬2). ويستفاد من هذا الترتيب أنّ ولايةَ ابن عبد الملك كانت في العشر الأواخِر من القرن السابع الهجريّ، أى: قبل وفاته بسنوات معدودات، ولا نستطيعُ تحديدَ مدّة قضائه التي أشار إليها ابنُ الزُّبير بقوله: "وَلي أبو عبد الله قضاءَ مَرّاكُش مدّة ثم أُخِّر عنها لعارض سببُه ما كان في خُلُقه من حدّة أثمرت مناقشةَ موتورٍ وَجَدَ سبيلًا فنال منه".
¬__________
(¬1) الاستقصا 3/ 77.
(¬2) الأنيس المطرب: 375.
الصفحة 91
784