كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 1)

وكان أحمد إذا سئل عن مسألة لا يعرف فيها خبرًا يقول فيها بقول الشافعي لأنه إمام قرشي (¬1).
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال يا بني: كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناي فهل لهذين من خلف أو منهما عوض؟ (¬2).
ولا غرو أن يدعى لمثل هذا في الصلاة، قال الإمام أحمد رحمه الله: وإني لأدعو للشافعي منذ أربعين سنة في صلاتي (¬3).
هذا العالم الجهبذ كان مثالاً للزهد والورع وهو القائل: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا مرة فأدخلت يدي فتقيأتها وذلك لأن الشبع يثقل البدن ويقسي القلب، ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف عن العبادة (¬4).
وهو نموذج يحتذى في العبادة واستثمار الوقت بما ينفع، وقد نقل عنه أنه كان ىجزئ الليل أثلاثًا، فثلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام (¬5).
فإذا كان هذا شأنه في الليل فلا تسأل عن عبادته وحديثه في الطلب في النهار.
ومع حرصه على العلم وحثه على طلبه حتى قال: طلب العلم أفضل من النافلة (¬6) فكان يزينه التواضع والتجرد في طلب العلم وهو القائل: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط (¬7).
¬_________
(¬1) نفسه 10/ 82.
(¬2) السير 10/ 45.
(¬3) السير 10/ 82.
(¬4) السابق/ 10/ 36.
(¬5) 10/ 35.
(¬6) السابق 10/ 35.
(¬7) السابق 10/ 35.

الصفحة 18