كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 1)

مدونات العلم تشهد بفضله وتخلد ذكره .. حتى إذا حانت منه ساعة الرحيل خاف الوعيد ورجا ربه العفو والتسديد، وقد دخل عليه المزني وهو في مرضه الذي مات فيه فقال: يا أبا عبد الله: كيف أصبحت؟ فرفع رأسه وقال: أصبحت من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، وما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظماَ
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منةً وتكرماَ
فإن تنتقم مني فلست بآيس ... ولو دخلت نفسي بجرمي جهنماَ
ولولاك لم يغو بإبليس عابد ... فكيف وقد أغوى صفيك آدماَ
وإني لآتي الذنب أعرف قدره ... وأعلم أن الله يعفو ترحماَ (¬1)
اللهم عفوك ورحمتك وغفرانك، اللهم اغفر لأئمة المسلمين وألحقنا بركب الصالحين .. أقول ما تسمعون ...
¬_________
(¬1) سير أعلام النبلاء 10/ 75، 76.

الصفحة 20