كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 1)

يوم لا تقدر لا أحذره ... ومن المقدور لا ينجي الحذر (¬1)
أيها المسلمون وطالما أهم بعض الناس معاشه في هذه الدار، وربما كان شبحُ الفقر همًّا ملازمًا أورث صاحبه الفقر وإن كان غنيًا، وأضحت حياتهُ نكدًا وإن كان مثلهُ سعيدًا، وقد قيل: والناس من خوف الفقر في فقر ومن خوف الذل في ذل (¬2).
أين الثقة بالله، وأين التوكلُ عليه، {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} (¬3).
أما الموت فهو شبح مخيف ودافعٌ للقلق عند قوم، ولئن صح ذلك عند غير المسلمين الذين يظنون الحياة الدنيا مبدأهم ومنتهاهم، والمحطة الأولى والأخيرة لملذاتهم وشهواتهم ... فليس الأمر كذلك بالنسبة للمسلمين. فالموت لا يخيف، والحياة بعده لمن وفقه الله أسعد وأكرم، وأطول وأنعم. إن الموت في حس المسلم مرحلة لحياةٍ أخرى تعد حيائنا هذه لهوًا وعبثًا إلى جانبها، ولذلك يعبر القرآن عنها بلفظ أكبر في مبناه وأوسع في معناه فيقول {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون} (¬4).
فلا معنى ولا داعي لقلق المسلم من الموت لذاته، والخوف مما بعد الموت لا يقود للهم السلبي والقلق المؤذي والمرض النفسي، بل يقود النفس إلى عمل الصالحات بانشراح صدر، ويقودها إلى توقي السيئات بوعي وتعقل.
¬_________
(¬1) جدد حياتك: 26، 75.
(¬2) جدد حياتك، الغزالي ص 30.
(¬3) سورة هود، الآية: 6.
(¬4) سورة العنكبوت، الآية: 64.

الصفحة 332