كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 1)

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين يستحق الحمد والثناء، أشكره تعالى على نعمه وأستغفره من جميع الذنوب وأتوب إليه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى إخوانه وآله.
إخوة الإسلام لا تقف منافع الحج وآثاره عند هذا الحد، إذ أن الحج معبر وسبب لكثير من العبادات، ففيه ذكر الله دائمًا وأبدًا {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم} {واذكروا الله في أيام معدودات .. } وفيه الاستغفار {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله}.
وفيه يلهج الحجيج بالتهليل والتكبير، كلما طافوا أو سعوا، وكلما رموا الجمار أو ذبحوا، بل وكلما أقاموا في مكان أو ارتحلوا، أو هبطوا ثنية أو صعدوا.
ويكفي الحجيج أن يتلبسوا بالتوحيد، ويجعلوه شعارهم، وألسنتهم تردد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ويا لها من كلمات عظمى لو عقلها والتزم بها المسلمون في حلهم وإحرامهم، وفي كل لحظة من لحظات حياتهم.
والحج فرصة لنحر الهدي والتقرب إلى الله بسفك الدماء، قال الله تعالى {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} قال مجاهد- رحمه الله- يريد استعظام البدن واستسمانها (¬1).
والحج فرصة كذلك لإطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام. وقد جاء
¬_________
(¬1) المتجر الرابح صلى الله عليه وعلى آله وسلم 315.

الصفحة 345