كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 1)

يقتلون ويأسرون ويفسدون، حتى قال ابن الأثير: وكان يومًا عظيمًا من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان .. ورضي بعض المسلمين بالقتل دون ذلك الفساد لا سيما أهل العلم والفقه والدين (¬1).
وفي سمرقند نصب التتر كمينًا لأهلها، فوقع في شراكهم سبعون ألفًا من المسلمين قتلوا في غداة واحدة شهداء (¬2).
ثم عادوا إلي البقية من أهلها يقتلون ويأسرون ويفسدون، فهدمت المساجد وفضت الأبكار، وعذبوا الناس بأنواع العذاب.
أما في «مرو» فأحصى ما قتلوه في يوم واحد فبلغ سبعمائة ألف إنسان- كما نقل- ابن كثير (¬3).
وفي نيسابور ذبح المغول جميع أهلها، وحتى يتأكدوا من هلاكهم جميعًا قطعوا رؤوسهم، وعملوا منها ثلاثة أهرامات، هرمًا لرؤوس الرجال وهرمًا لرؤوس النساء، وثالثًا لرؤوس الأطفال (¬4).
إخوة الإيمان هذه المآسي كلها وأمثالها، دون مأساة بغداد- التي تحتاج إلى حديث خاص- خلفت- في بدايتها- جوًّا من الرعب والضعف والمسكنة يصف لنا ابن الأثير بعض مظاهره ويقول: حكى لي رجل قال: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس من التتر وقال لنا: حتى يكتف بعضنا بعضًا، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت لهم: هذا واحد فلم لا نقتله
¬_________
(¬1) الكامل 12/ 365 - 367.
(¬2) الكامل 12/ 38.
(¬3) البداية والنهاية 13/ 167.
(¬4) العالم الإسلامي في المشرق الإسلامي والغزو المغولي، إسماعيل الخالدي/ 187.

الصفحة 57