كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 31 """"""
النهي عنه والوعيد عليه وأهل العلم أحق الناس بتجنبه والصد عنه والتنكب عن طريقه وهم أتقى لله سبحانه من أن يجعلوا كتاب الله سبحانه ملعبة لهم يتلاعبون به ويضعون حماقات أنظارهم وخزعبلات أفكارهم عليه
الثاني التفسير بتوقيف عن صاحب الشرع وهذا هو المهيع الواضح والسبيل القويم بل الجادة التي ما سواها مردوم والطريقة العامرة التي ما عداها معدوم فمن وجد شيئا من هذا فغير ملوم أن يقول بملء فيه ويتكلم بما وصل إليه علمه ومن لم يبلغه شيء من ذلك فليقل لا أدري أو الله أعلم بمراده فقد ثبت النهي عن طلب فهم المتشابه ومحاولة الوقوف على علمه مع كونه ألفاظا عربية وتراكيب مفهومة وقد جعل الله تتبع ذلك صنيع الذين في قلوبهم زيغ فكيف بما نحن بصدده فإنه ينبغي أن يقال فيه إنه متشابه المتشابه على فرض أن للفهم إليه سبيلا ولكلام العرب فيه مدخلا فكيف وهو خارج عن ذلك على كل التقدير وانظر كيف فهم اليهود عند سماع الم فإنهم لما لم يجدوها على نمط لغة العرب فهموا أن الحروف المذكورة رمز إلى ما يصطلحون عليه من العدد الذي يجعلونه لها كما أخرج ابن إسحاق والبخاري في تاريخه وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله قال ( مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يتلو فاتحة سورة البقرة ) الم ذلك الكتاب لا ريب ( فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه ) الم ذلك الكتاب ( فقال أنت سمعته فقال نعم فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقالوا يا محمد ألم تذكر أنك تتلو فيما أنزل عليك ) الم ذلك الكتاب ( قال بلى قالوا أجاءك بهذا جبريل من عند الله قال نعم قالوا لقد بعث الله قبلك الأنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب وأقبل على من كان معه الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه واجل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال يا محمد هل مع هذا غيره قال نعم قال وما ذاك قال ) المص ( قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وستون ومائة سنة هل مع هذا يا محمد غيره قال نعم قال وما ذاك قال ) الر ( قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان هذه إحدى وثلاثون سنة ومائتان فهل مع هذا غيره قال نعم ) المر ( قال فهذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون سنة ومائتان ثم قال لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري قليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم ) هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ( فانظر ما بلغت إليه أفهامهم من هذا الأمر المختص بهم من عدد الحروف مع كونه ليس من لغة العرب في شيء وتأمل أي موضع أحق بالبيان من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من هذا الموضع فإن هؤلاء الملاعين قد جعلوا ما فهموه عند سماع ) الم ذلك الكتاب ( من ذلك العدد موجبا للتثبيط عن الإجابة له والدخول في شريعته فلو كان لذلك معنى يعقل ومدلول يفهم لدفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما ظنوه بادئ بدء حتى لا يتأثر عنه ما جاءوا به من التشكيك على من معهم
فإن قلت هل ثبت عن رسول الله في هذه الفواتح شيء يصلح للتمسك به قلت لا أعلم أن رسول الله

الصفحة 31