كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 496 """"""
وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع فقد كان بين المسلمين وبين المشركين أنساب ولم يمنع ذلك من القتال وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ميثاق فقيل هم قريش كان بينهم وبين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ميثاق ) والذين يصلون ( إلى قريش هم بنو مدلج وقيل نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عهد وقيل خزاعة وقيل بنو بكر بن زيد قوله ) أو جاؤوكم حصرت صدورهم ( عطف على قوله ) يصلون ( داخل في حكم الاستثناء أي لا الذين يصلون والذين جاءوكم ويجوز أن يكون عطفا على صفة قوم أي إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت صدورهم أي ضاقت صدورهم عن القتال فأمسكوا عنه والحصر الضيق والإنقباض قال الفراء وهو أي حصرت صدورهم حال من المضمر المرفوع في جاءوكم كما تقول جاء فلان ذهب عقله أي قد ذهب عقله وقال الزجاج هو خبر بعد خبر أي جاءوكم ثم أخبر فقال ) حصرت صدورهم ( فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم وقيل حصرت في موضع خفض على النعت لقوم وقيل التقدير أو جاءوكم رجال أو قوم حصرت صدروهم وقرأ الحسن ) أو جاؤوكم حصرت صدورهم ( نصبا على الحال وقريء حصرات وحاصرات وقال محمد بن يزيد المبرد حصرت صدورهم هو دعاء عليهم كما تقول لعن الله الكافر وضعفه بعض المفسرين وقيل أو بمعنى الواو وقوله ) أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ( هو متعلق بقوله ) حصرت صدورهم ( أي حصرت صدورهم عن قتالكم والقتال معكم لقومهم فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين وكرهوا ذلك ) ولو شاء الله لسلطهم عليكم ( ابتلاء منه لكم واختبارا كما قال سبحانه ) ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ( أو تمحيصا لكم أو عقوبة بذنوبكم ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك واللام في قوله ) فلقاتلوكم ( جواب لو على تكرير الجواب أي لو شاء الله لسلطهم ولقاتلوكم والفاء للتعقيب ) فإن اعتزلوكم ( ولم يتعرضوا لقتالكم ) وألقوا إليكم السلم ( أي استسلموا لكم وانقادوا ) فما جعل الله لكم عليهم سبيلا ( أي طريقا فلا يحل لكم قتلهم ولا أسرهم ولا نهب أموالهم فهذا الاستسلام يمنع من ذلك ويحرمه
النساء : ( 91 ) ستجدون آخرين يريدون . . . . .
) ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم ( فيظهرون لكم الإسلام ويظهرون لقومهم الكفر ليأمنوا من كلا الطائفتين وهم قوم من أهل تهامة طلبوا الأمان من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليأمنوا عنده وعند قومهم وقيل هي في قوم من أهل مكة وقيل في نعيم بن مسعود فإنه كان يأمن المسلمين والمشركين وقيل في قوم من المنافقين وقيل في أسد وغطفان ) كل ما ردوا إلى الفتنة ( أي دعاهم قومهم إليها وطلبوا منهم قتال المسلمين ) أركسوا فيها ( أي قلبوا فيها فرجعوا إلى قومهم وقاتلوا المسلمين ومعنى الارتكاس الانتكاس ) فإن لم يعتزلوكم ( يعني هؤلاء الذي يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم ) ويلقوا إليكم السلم ( أي يستسلمون لكم ويدخلون في عهدكم وصلحكم وينسلخون عن قومهم ) ويكفوا أيديهم ( عن قتالكم ) فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم ( أي حيث وجدتموهم وتمكنتم منهم ) وأولئكم ( الموصوفون بتلك الصفات ) جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا ( أي حجة واضحة تتسلطون بها عليهم وتقهرونهم بها بسبب ما في قلوبهم من المرض وما في صدورهم من الدغل وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل وأقل سعي
الآثار الوارده في تفسير الآيات وسبب النزول
الآثار الوارده في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه فكان أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم

الصفحة 496