كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 1)

"""""" صفحة رقم 531 """"""
النساء : ( 148 ) لا يحب الله . . . . .
نفي الحب كناية عن البغض وقراءة الجمهور ) إلا من ظلم ( على البناء للمجهول وقرأ زيد بن أسلم وابن أبي إسحاق والضحاك وابن أبي عباس وابن جبير وعطاء بن السائب ) إلا من ظلم ( على البناء للمعلوم وهو على القراءة الأولى استثناء متصل بتقدير مضاف محذوف أي إلا جهر من ظلم وقيل إنه على القراءة الأولى أيضا منقطع أي لكن من ظلم فله إن يقول ظلمني فلان واختلف أهل أعلم في كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم فقيل هو أن يدعو على من ظلمه وقيل لا بأس أن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه بأن يقول فلان ظلمني أو هو ظالم أو نحو ذلك وقيل معناه إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح له والآية على هنا في الاكراه وكذا قال قطرب قال ويجوز أن يكون على البدل كأنه قال لا يحب الله إلا من ظلم أي لا يحب الظالم بل يحب المظلوم والظاهر من الآية أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمة ويؤيده الحديث الثابت في الصحيح بلفظ لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته وأما على القراءة الثانية فالاستثناء منقطع أي إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له وقال قوم معنى الكلام لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على ظلموه وينالون من عرضه وقال الزجاج يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي إن يأخذوا على يديه ويكون استثناء ليس من الأول ) وكان الله سميعا عليما ( هذا تحذير للظالم بأن الله يسمع ما يصدر منه ويعلم به
النساء : ( 149 ) إن تبدوا خيرا . . . . .
ثم بعد أن أباح للمظلوم أن يجهر بالسوء ندب إلى ما هو الأولى والأفضل فقال ( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء ) تصابون به ( فإن الله كان عفوا ) عن عباده ( قديرا ) على الانتقام منهم بما كسبت أيديهم فاقتدوا به سبحانه فإنه يعفو مع القدرة
الآثار الوارده في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبن عباس في قوله ) لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ( قال لا يحب الله ان يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه وإن يصبر فهو خير له وأخرج عبدالرزاق و عبد بن حميد وابن جررير عن مجاهد في الآية قال نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه ثم ذكر أنه لم يضفه لم يزد على ذلك وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل ( لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) قال كان الضحاك بن مزاحم يقول هذا على التقديم والتأخير ويقول الله ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلا من ظلم وكان يقرؤها كذلك ثم قال ) لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ( أي كل حال هكذا قال وهو قريب من التحريف لمعنى الآية وقد أخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن عائشة ان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال من دعا على من ظلمه فقد انتصر وروى نحوه أبو داود عنها من وجه آخر وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة ان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال ( المتسابان ما قالاه فعلى البادىء منهما ما لم يعتد المظلوم )
النساء 150
النساء 151 152 ل
النساء : ( 150 ) إن الذين يكفرون . . . . .
ما فرغ من ذكر المشركين والمنافقين ذكر الكفار من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى لأنهم كفروا بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) فكان ذلك كالكفر بجميع الرسل والكتب المنزلة والكفر بذلك كفر بالله وينبغي حمل قوله ) إن الذين يكفرون بالله ورسله (

الصفحة 531