كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)
وقال ابن عباس: قد ذكر الله التاريخ في كتابه فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]. حدثنا عبد الوهاب المقرئ بإسناده عن ابن عباس قال: سأل مُعاذُ بن جَبَلٍ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما بالُ الهلالِ يبدو دقيقًا مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويساوي ويستدير، ثم لا يزال ينقصُ ويدقّ حتى يَعودَ كما كان على حال واحد؟ فنزل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} أي: في دينهم وصومهم وفطرهم، وعِدَّة نسائهم، والشروط التي تنتهي إلى أجلٍ معلوم (¬1).
وقال قتادة في تفسير الآية: جعلها الله تعالى مواقيتَ لصوم المسلمين وإفطارهم وحجِّهم ومناسكهم وعِدَدِ نسائهم وغير ذلك، والله أعلم بما يصلح خلقه (¬2).
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: ذُكِرَ الهلالُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عِدَةَ شعبانَ ثلاثين يومًا ثم صوموا"، أخرجاه في "الصحيحين" (¬3).
واختلفوا في مبدأ التاريخ على أقوال:
أحدها: حدثنا جدِّي، حدثنا أبو غالب محمَّد بن الحسن الماوردي بإسناده إلى عبد العزيز بن عمران قال، قال عامر الشعبي: لما أكثر بنو آدم - عليه السلام - في الأرض وانتشروا أَرَّخوا من هبوط آدم، فكان التاريخ إلى الطوفان، ثم إلى نار الخليل عليه السلام، ثم إلى زمان يوسف - عليه السلام -، ثم إلى خروج موسى - عليه السلام - من مصر ببني إسرائيل، ثم إلى زمان داود - عليه السلام -، ثم إلى زمان سليمان - عليه السلام -، ثم إلى زمان عيسى (¬4). وقد رواه محمَّد بن إسحاق عن ابن عباس.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 10، وانظر "كتر الدرر": 1/ 93.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره": 2/ 185.
(¬3) أحمد في "مسنده" (4488)، والبخاري (1906)، ومسلم (1080)، ولفظه عندهم بغير هذا السياق.
(¬4) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 15، وانظر "عمدة القاري" 17/ 66، و"الإعلان بالتوبيخ" ص 136.
الصفحة 10
530