كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

مُلْكِ النَّبَط الأنبار إلى عاناتِ كَسْكَر إلى ما والاها من كُور دجلة إلى جوخى (¬1) والسواد، وكان في أيدي النَّبَط سُرَّة الدنيا، وكانت الفرات ودجلة لا ينتفع بهما حتى يأتيان بلادهم فيفجرونهما في كل موضع ويسوقونهما إلى البحر، وحفروا الصَّراة العظمى ونهر سُورا.
وقيل: إنما حفر الصَّراة ملوك فارس، ثم وليت الفرس فحفروا الأنهار، مثل نهر المَلِك، والخالِص، ودَيَالِي، وفمِ الصِّلح، والنيل.
وقيل: إنما حفر نهر المَلِك أقفورشة آخر ملوك النَّبَط، وملَكَ مئتي سنة (¬2).
وقيل: إنما حفره سليمان - عليه السلام -.
وقيل: إنما حفر فمَ الصِّلح خالد بن عبد الله القَسْري، وفم الصِّلْحِ أقطعه المأمون الحسنَ بن سهل.
وأما النيل الذي بأرض العراق، فيقال: إن الحجاج حفره، وهو قريب من واسط.
واختلفوا في الذي حفر نهر عيسى الذي يأخذ من الفرات ويصب ببغداد، وعليه المُحَوَّل وغيرها، على أقوال: أحدها سليمان - عليه السلام -، والثاني: أقفورشة آخر ملوك النَّبَط، والثالث: ملوك الفرس، وقيل. عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس، وليس كما قيل، وإنما بنى عليه قصرًا فأضيف إليه.
فأما الصَّراة فقديمة آيضًا، وقال الجوهري: والصَّراة -بالفتح- نهر بالعراق وهي العظمى والصغرى، وصريَ الماء إذا طال مكثه وتغير (¬3).
وأما دُجيل فاختلفوا فيه، قال الهيثم بن عدي: أمر سليمان الشياطين فحفرته وألقت ترابه بين قصر شيرين وخانِقِين، وقيل: إن بعض ملوك الفرس حفره.
* * *
¬__________
(¬1) في (ب): "خوصا".
(¬2) "تاريخ بغداد" 1/ 57.
(¬3) "الصحاح": (صري).

الصفحة 129