فصل في ذكر من تحتها من السكان، وهل هو ريح أو جماد أو حيوان (¬1)
روى السُّدي عن أشياخه: أنَّ لكلِّ أرض سكانًا، فسكان الأرض الثانية: الريح العقيم، وهي التي أهلكت قوم عاد، وسكان الثالثة: حجارةُ جهنَّم التي ذكرها الله تعالى في قوله: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ (24)} [البقرة: 24]، وفي الرابعة: كبريت جهنَّم، وفي الخامسة: حيَّات جهنم، وفي السادسة: عقاربها، كالبغال الدُّهم وأذنابها مثل الرماح، وسكان السابعة: إبليسُ وجنوده.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: في كلِّ أرض آدم كآدمكم (¬2).
وهذا القول بعيد (¬3) لم يرد به خبر ولا أثر، وإنما هو آدم واحد، وهو أبو البشر، وقد أخذ على أبي العلاء المعري قوله (¬4): [الطويل]
وما آدمٌ في مَذهَبِ العَقْل واحدٌ ... ولكنه عندَ القِياسِ أَوادِمُ
ومذهبُ الأوائل أن الأرض على صفةٍ واحدة كالمُحَّة في البيضة، وإنما تختلف أجناسها، وليس تحتها سوى الماء.
* * *
¬__________
(¬1) انظر "كنز الدرر" 1/ 268.
(¬2) أخرجه الحاكم 2/ 493، وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وقال البيهقي (كما في فتح الباري 9/ 476): إسناده صحيح، إلا أنه شاذ بمرة.
(¬3) في (ب): "ضعيف".
(¬4) البيت في "لزوم ما لا يلزم" 3/ 1388.