[وفي الصحيحين أيضًا] عن أبي هريرة قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشتَكَت النَّارُ إلى ربِّها فقالت: يا ربِّ، أكلَ بعضي بَعْضًا فَنَفِّسني، فأَذِنَ لها أن تَتَنفَّس نَفَسين: نَفَسًا في الشِّتاءِ ونَفَسًا في الصَّيفِ، فأشدُّ ما تَجدُون من الحرِّ فمن حرِّ جَهَنَّم، وأشدُّ ما تجدونَ من البَرْد فمن زَمْهَريرِها (¬1) ". في أخبار كثيرة.
قال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو اليمان بإسناده عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لجبريل: "مَا لي لم أَرَ مِيكَائيلَ ضَاحِكًا قطُّ، فقال: مُنذ خَلَق الله النَّارَ لم يَضْحكْ"، أخرجه أحمد في "المسند" (¬2).
وقال أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذكر النار: "أهلُ النَارِ كل جَعْظَريٍّ جَوَّاظٍ مُستَكبِرٍ جَمَّاع مَنَّاع (¬3) ".
الجَعْظَري: الفظُّ الغليظ، ذكره الجوهري، وقال: قال ابن السكيت: يقال للرجل إذا كان قصيرًا غليظًا: جِعْظارة، بكسر الجيم (¬4). والجوَّاظ: الجَمُوع المَنُوع، وقال الجوهري: الجظ: الرجل الضخم، قال: وفي الحديث: "أهل النارِ كلّ جظٍّ مستكبر" قال: وكذا الجعظ (¬5).
فصل
ومذهب أهل الحقّ أن النار مخلوقة، وقالت المعتزلة والجهمية: لم تُخلق بعدُ، لأنها دارُ تعذيب وجزاء، وليس هذا وقته. ولنا قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24] والمُعَدُّ ما يكونُ موجودًا، وما ذكره فنقول: جهنم حبسُ العصاةِ، فوجودها أبلغُ في الزجر من عدمها، وعلى هذا الخلاف الجنة، لما نذكر.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (3260)، ومسلم (617). وما بين معقوفين زيادة من "كنز الدرر" 1/ 267.
(¬2) أخرجه أحمد في "مسنده" (13343).
(¬3) أخرجه أحمد في "مسنده" (6580).
(¬4) "الصحاح": (جعظر).
(¬5) "الصحاح": (جظظ) و (جعظ).