كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

فصل في خلق الجن والشياطين وأصلهم إبليس اللعين
قال علماء اللغة: أصل الجن من الاستتار، ومنه: الجنين، لأنه مستتر في بطن أمه.
وقال الجوهري: إنما سموا بذلك لأنهم لا يُرون (¬1). قال الجوهري (¬2) أيضًا: الشيطان كلُّ عاتٍ متجبر من الجنّ والإنس والدواب، ومَن بَعُدَ غَورُهُ في الشرِّ.
واختلفوا في اشتقاقه على قولين، أحدهما: مِنْ شَطَنَ، أي: بَعُدَ عن الخير. والقول الثاني: أنه من شاط يشيط إذا احترق، ومنه شاطت القِدر.
وقال أحمد بن حنبل بإسناده عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خُلِق الجانُّ من مارجٍ من نار" (¬3).
وقد فسَّره ابن عباس فقال: المارجُ هو لسانُ النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت (¬4).
وقال الجوهري: المارجُ نارٌ لا دخانَ لها خُلِقَ منها الشيطان (¬5).
واختلفت الرواية عن ابن عباس: هل الجانُّ إبليس أم غيره؟
فروى عنه عكرمة أنه قال: إبليس أصل الجانِّ والشياطين، وهو أبو لكلِّ.
وروى مجاهد عنه أنه قال: الجانُّ اسمه سُومان، وهو أبو لجنّ كلّهم كما أن آدم أبو لبشر.
وروى سعيد بن جبير عنه أنه قال: هذا الفن خمسة أنواع: جانٌّ، وجنٌّ وشيطان، وعفريت، ومارد، وأضعفها الجانُّ وهو مسيخ الجنِّ، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس، وأقواها المارد (¬6).
¬__________
(¬1) "الصحاح": (جنن).
(¬2) في (ل): وأما الشيطان فقال الجوهري. وانظر "الصحاح": (شطن).
(¬3) أحمد في "مسنده" (25194).
(¬4) أخرجه الطبري في "تفسيره" 27/ 126.
(¬5) "الصحاح": (مرج).
(¬6) جاء بعدها في (ب): "وأضعفها الجن".

الصفحة 147