كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

مجلسِ ذِكرٍ ليفتِنَهم فلم يقدرْ على التفرقةِ بينهم، فأغرى بين مجلس آخر فاقتتلوا، فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم حتى تفرقوا (¬1).
وذكر عبد الله أيضًا عن قتادة قال: إن لإبليس شيطانًا يقال له: قبقب، يجمّه أربعين سنة، فإذا دخل الغلامُ في هذه الطرق قال له: دونك وإيّاه، فإنما أجممتك لمثل هذا، أَجْلبْ عليه وافتنه (¬2).
وقال أحمد بإسناده عن أنس بن مالك: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أوّلُ من يُكْسَى حلةً من النَّار إبليس، فيضعها على حاجبيه ويَسحبُها من خلفِه، وذريتُه من بَعدِه، وهو يُنادي يا ثُبُوراه، وينادون: يا ثُبُورَهم، حتى يقفُوا على النّارِ فيقول: يا ثبُورَه، ويقولون: يا ثبورَهم، فيقالُ لهم: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14} [الفرقان: 14] أخرجه أحمد في "المسند" (¬3)، والثبُور: الهلاك والخسران.
وقال أحمد بإسناده عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشَّيطانَ قد يَئِسَ أنْ يَعْبُدَه المُصَلُّونَ، ولكنْ في التَّحريشِ بَينَهم" انفرد بإخراجه مسلم (¬4). ولمسلم، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أَذَّنَ المؤذنُ هَرَبَ الشَّيطانُ حتى يكونَ بالرَّوْحاءِ" من المدينةِ ثلاثونَ ميلًا (¬5).

فصل في ذكر أولاده
قال الله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50].
وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: بلغنا أن لإبليسَ أولادًا كثيرين، واعتماده على خمسةٍ منهم: ثَبْر والأَعور ومِسْوَط وداسم وزَلَنْبُور.
وقال مقاتل: لإبليس ألفُ ولدٍ، ينكح نفسه ويلدُ ويبيضُ كلَّ يوم ما أراد (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "الزهد" ص 196.
(¬2) أخرجه ابن الجوزي في "ذم الهوى" ص 176 - 177، و "تلبيس إبليس" ص 27 من طريق عبد الله بن أحمد.
(¬3) أخرجه أحمد في "المسند" (12536).
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (14366)، ومسلم (2812).
(¬5) صحيح مسلم (388).
(¬6) قال ابن الجوزي في المنتظم 1/ 179: وهذا من أبعد الأقوال.

الصفحة 154