وهو يُدبِّر العالم.
والثاني: أنّ ذات الشمس مِنَّا بعيدة وضوءها قريب، كذلك الله سبحانه وتعالى بعيد من الخلق بالذات قريبٌ بالإجابة.
والثالث: أنَّ ضوءَها غير ممنوع عن أحد، كذلك رزق الله تعالى لا يمتنع عن أحد.
والرابع: أنَّ كسوفَها دليل على وجود القيامة، وغروبها يدلُّ على ظلمتها.
والخامس: أنَّ السَّحاب يغطِّيها، وكذا المعاصي غطاء المعرفة.
فأمَّا منافعها فكثيرة:
أحدها: أنَّها سراج العالم، قال الله تعالى: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16].
والثانية: أنها طَبَّاخ لأطعمتهم من غير كلفة ومنضجٌ لثمارهم.
والثالثة: تسير من المشرق إلى المغرب لمصالحهم.
والرابعة: أنها لا تقف في مكان واحد لئلَّا تضرَّ بالخلق.
والخامسة: أنَّها تكون في الشتاء في أسفل البروج وفي الصيف في أعلاها لمنافع العالم.
والسادسة: أنها لا تجتمع مع القمر في سلطانه لئلَّا يُبْطِلَ كلُّ واحدٍ منهما ضوءَ الآخر.
فإن قيل: فهي في الفلك الرابع فلِمَ لم تحجبها السماوات ويحجبها الغيم؟ قلنا: السَّماوات جواهرُ لطيفةٌ شفّافة، والغيم كثيفٌ لأنَّه يتصاعدُ من الأرض. وقد حدَّ أفلاطون الشمس فقال: هي فلكٌ محشوٌّ نارًا يخرج منه اللَّهب.
فصل في القمر
قال علماء اللغة كالزّجاج والفراء والأصمعي وغيرهم: إنما سمي القمر: قمرًا لبياضه، والأَقْمَر الأبيض، وليلة قَمْراء أي: مُضيئة، قال ابن قتيبة (¬1): يقال له في الليلة
¬__________
(¬1) جاء بعدها في كنز الدرر" 1/ 50: "والهلال أول ليلة، والثانية والثالثة، ثم هو قمر بعد ذلك إلى آخر الشهر، وتصغيره قمير، وجمعه أقمار".