نفسُ النظر، لأنّ الباري سبحانه يستحيل عليه الحدود.
وفي القمر فوائد منها: أنَّه سراج للخلق بالليل ومعجزةُ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] وقدَّرهُ منازل ليُعْرَفَ بها المواقيت، ومحا من نوره تسعة وتسعين جزءًا لقوله تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] ولولا ذلك لانبسط الناس في معاشهم ليلًا ونهارًا فآذى الحريصَ كدُّه.
وقد ذكر الطبري معنى هذا عن علي - رضي الله عنه - فقال: حدثنا ابن حميد بإسناده عن أبي الطفيل قال: قال ابن الكوَّاء لعلي: يا أمير المؤمنين ما هذه اللطخة التي في القمر؟ فقال: ويحك أما تقرأ {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ} فهذه مَحْوُهُ (¬1).
وفيه عيوب: منها أن النَّوم فيه منكشفًا يورث البرص، ومنها: أنه يبلي الكتَّان، إلى غير ذلك.
وقيل: إنَّ نوره من الشمس، وهو الظاهر.
فصل في منازل القمر
قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39] وقد ذكر ابن قتيبة وغيره منازلَ القمر فقالوا: هي ثمانية وعشرون منزلًا من أول الشهر إلى أن يستسرَّ، وتسميها العرب نجومَ الأخْذ، لأن القمر يأخذ كل ليلةٍ منها في منزل، وأسماؤها: الشَّرَطان، والبَطين، والثُّريَّا، والدَّبَران، والهَقْعَة، والهَنْعَة، والذِّراع، والنَّثْرَة، والطَّرْف، والجَبْهة، والزُّبْرَةُ، والصَّرْفَةُ، والسِّمَاك، والعَوَّاء، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإكلِيل، والقَلْبُ، والشَّوْلة، والنَّعائم، والبَلْدَة، وسَعْد السُّعود، وسَعد الذَّابح، وسَعد الأَخْبِيَة، وسَعد بُلَع، وفَرْغ الدَّلو المقدَّم، وفَرْغ الدَّلْو المؤخَّر، والرِّشاء، وهو الحوت (¬2).
تفسير هذه المنازل
أوّلها: الشُّرطين، كذا ذكر ابن قتيبة بضم الشين، والشَّرْط العلامة، لأنها علامة
¬__________
(¬1) الطبري 1/ 75.
(¬2) "أدب الكاتب" ص 86 - 87.