كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)
فصل
وقد أكثر العلماء في وصف القلم، وروي عن ابن المقفع (¬1) أنه قال: الأقلامُ مطايا الفطن (¬2) ورسل الكرام وبيان البنان. وقوام الأمور بشيئين بالقلم والسيف، والقلم فوق السيف (¬3). وأنشد (¬4): [من البسيط]
إنْ يخدمِ القلمُ السيفَ الذي خَضَعتْ ... له الرِّقابُ ودانت دونه الأُمَمُ
فالموتُ والموتُ لا شيءٌ يخالفه ... ما زال يتبعُ ما يجري به القلمُ
كذا قضى الله للأقلام مُذ بُرِيَت ... أنَّ السّيوف لها مذ أرْهِفَتْ خدم
وقال أبو إسحاق الثعلبي: أنشدنا أبو القاسم السدوسي، أنشدنا أبو السميع الهاشمي، أنشدنا ابن صغنون لأبي تمام الطَّائي (¬5): [من الكامل]
ولَضربةٌ من كاتبٍ ببنانه ... أمضى وأبلغُ من دقيقِ حسامِ
قومٌ إذا عزموا عداوةَ حاسدٍ ... سفكوا الدما بأَلسِنَةِ الأَقلام
قلت وقد ناقض أبو تمام قوله: [من البسيط]
السيفُ أصدق إِنباءً من الكُتُبِ (¬6)
ومن أحسن ما قيل في هذا الباب قول البُحْتُري (¬7): [من البسيط]
¬__________
(¬1) هو عبد الله بن المقفع، ستأتي ترجمته في وفيات سنة (145 هـ).
(¬2) وردت هذه العبارة عن عدد من الأعيان منهم عمرو بن مسعدة والعتابي والبحتري، انظر "أدب الكتاب" 67 و 68، و"صبح الأعشى" 2/ 447، وعبارة ابن المقفع في أدب الكتاب: القلم بريد القلب يخبر بالخير وينظر بلا نظر.
(¬3) انظر "أدب الكتاب" ص 75.
(¬4) في (ل) زيادة بعدها: لأبي الفتح البستي - رضي الله عنه -. ولم أقف على من نسب الأبيات الآتية له، وإنما نسبت إلى علي بن العباس النوبختي أو ابن الرومي، انظر زهر الآداب 431، وديوان المعاني 77، والعمدة 2/ 102، وديوان ابن الرومي 6/ 2294.
(¬5) هو حبيب بن أوس، وستأتي ترجمته في وفيات سنة (283 هـ)، والأبيات في "المحاسن والمساوئ" ص 12، و"معجم الأدباء" 17/ 141، ولم نقف عليهما في ديوانه.
(¬6) البيت في ديوانه 1/ 40، وتمامه: "في حده الحدُّ بين الجد واللعبِ".
(¬7) هو الوليد بن عبيد، وستأتي ترجمته في وفيات سنة (284 هـ)، ولم نقف على البيتين في ديوانه، وأوردهما =
الصفحة 22
530