كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

عكرمة ومجاهد؛ لأنه ضياء والنور مقدم على الظلام، والثاني: الليل، وبه قال ابن عباس وعامة العلماء، ولقوله تعالى: {وَلَا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [يس: 40] {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] فدلَّ على أن الليل مقدم عليه، ولأن الظلمة أصل والضوء عارض، وهو من إشراق نور الشمس فلا يكون أصلًا، وقد نصَّ عليه ابن عباس فقال: أرأيتم حين كانت السموات والأرض رَتْقًا، ما كان بينهما إلا ظلمة (¬1).
فصل
وأما السنة، فقال يعقوب بن السكيت: هي واحدة السنين، وأصلها: سَنْهَة وتصغيرها: سُنَيْهة وسُنيَّة، وجمعها: سنون، بكسر السين، وبعضهم يضمها.
فصل (¬2)
وأما الشهر، فذكر أبو منصور بن الجواليقي في "المعرب" أن أصله شهر بالسين المهملة، فعُرِّب، وقال الفراء: إنما سمي شهرًا لشهرته وظهوره (¬3)، ويسمى الهلال شهرًا لشهرته؟ وقال الفرّاء: أول شهور العرب العاربة: ناجر، وأول شهور المستعربة: المحرم.
وقال الجوهري: لما نقلت العربُ أسماءَ الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها.
قلت: لم يفسِّر الجوهري معنى هذا الكلام ويحتاج إلى بيان؛ قلت: أما قوله لما نقلتِ العرب: يريد المستعربة، ذلك لأن العرب قسمان، عاربة وهم الخلص الذين لم يخالطوا الحاضرة، ومستعربة وهم الذين خالطوا الحاضرة؛ قال أبو العلاء: العاربة مثلُ طسمٍ وجديس، ومن كان معاصرًا لهم، وأما المستعربة فهم المتأخرون وهم الذين نقلوا أسماء المشهور، فقالوا: المحرّم وصفر إلى ذي الحجة.
فأما العرب الأوائل، فقرأت على شيخنا أبي اليُمن زيد بن الحسن الكندي رحمه
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 61.
(¬2) انظر "كنز الدرر" 1/ 84 وما بعدها.
(¬3) "المعرب" ص 255. وفيه: "وقال ثعلب" بدل: "الفراء".

الصفحة 33