كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)
فدخلت في منخره ووصلت إلى دماغه، فضج الحوت منها إلى الله تعالى، فأَذِنَ لها فخرجت؛ قال كعب: فوالذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن همَّ بشيء من ذلك عادت إليه كما كانت، فلا يزالُ كذلك إلى يوم القيامة (¬1).
وروى الحافظ أبو القاسم أيضًا في "كتاب الزلازل" عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُسِّست السمواتُ السبع والأرضون السبع على {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬2).
قلت: ولا يصحُّ هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هو موقوف على أنس (¬3).
وذكر ابن قتيبة في "المعارف" عن الثوراة، وقال في السِفر الأول منها: خلق الله السمواتِ وآدمَ وحواء. وذكر ألفاظًا شنيعةً منها: أن الله تعالى يخلق بشرًا على صورته وما أشبه هذا (¬4)، والله تعالى منزَّه عن الصورة لأنَّه ليس بجسم، وإن صحَّ في الأخبار حديثُ الصور (¬5) فَيُحْمَلُ على الصفة، وهو اللائق بالله سبحانه وتعالى.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا يزيد بن هارون بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لما خلَق الله الأرضَ جَعَلَت تميلُ، فخلَق الجبال وألقاها عليها فاستقرَّت، فتعجبت الملائكةُ من خلْقِ الجبال، فقالت: يا رب، هل من خلقك شيءٌ أشدُّ من الجبالِ؟ قال: نعم، الحديدُ، قالت: يا رب، هل من خلقك شيءٌ أشدُّ من الحديدِ؟ قال: نعم، النارُ، قالت: يا رب، فهل من خلقك شيءٌ أشدُّ من النار؟ قال: نعم، الريحُ، قالت: يا رب،
¬__________
(¬1) "عرائس المجالس" ص 6.
(¬2) أورده السيوطي في "الجامع الصغير" (1020) وعزاه لتمام في "فوائده" وفيه موسى بن محمَّد بن عطاء، وهو متهم بالكذب. انظر "الميزان" 4/ 219.
(¬3) أخرجه الطبري في "تفسيره" 24/ 738، وأبو الشيخ في "العظمة" (896)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 383 من حديث كعب الأحبار قولَه. قال الألوسي في تفسيره 29/ 24: وللقصاص في هذا الفصل روايات لا يعول عليها, ولا ينبغي الإصغاء إليها.
(¬4) "المعارف" ص 9 - 11.
(¬5) أخرجه الحارث كما في (بغية الباحث 872)، وابن أبي عاصم في "السنة" (518)، والطبراني في "الكبير" (13580) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن".
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 106 وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطلقاني، وهو ثقة وفيه ضعف. وانظر الكلام عليه في "فتح الباري" 5/ 183.
الصفحة 41
530