كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

فصل في ذكر البيت الحرام المخصوص بالإجلال والإعظام
ذكر الجوهري، وقال: الكعبة البيت الحرام، سمي بذلك لتربُّعه (¬1). وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت الكعبة كعبةً لارتفاعها وعلوّها واستدارتها. وقال مجاهد: سميت كعبةً للتربيع (¬2). والعرب تسمي كلَّ بيت مربع كعبة، وقال مقاتل: لانفرادها عن البناء، وقال الفراء: سميت كعبة لبنائها مربعةً على موضع رفيع، وسمي: البيتَ الحرام لأن الله تعالى حرّمه وعظَّم حرمته.
وقال أحمد بن حنبل رحمه الله بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كانت الكعبة خَشَفَة على رأس الماء عليها ملكان يسبحان الليلَ والنهارَ قبل خلق الأرض بألفي عام (¬3) ".
قال أبو عمرو بن العلاء: الخَشَفَة: الأكمة الحمراء. وقال الجوهري: الخَشَفة: الحسُّ والحركة (¬4). ومعناه على هذا أنها كانت تضطرب وتتحرك على الماء.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: وضعت الكعبة على أربعة أركان -قبلَ أن يخلقَ الله الدنيا- على وجه الماء، ثم دحا الأرض من تحتها (¬5).
وروى العوفي على أنه قال: أرسل الله تعالى الريح فمسحت الماء حتى حَوَتْ على خشفة، وهي التي تحت الكعبة، ثم إن الله مَدَّ الأرض من تلك الخشفة، حتى بلغت حيث أراد الله في الطول والعرض (¬6).
وروي عن كعب الأحبار أنه قال: وجد حجر في أسفل المقام من أيام جُرْهُم
¬__________
(¬1) "الصحاح": (كعب).
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 76.
(¬3) لم نقف عليه في "مسند" أحمد ولا في غيره من مصادر التخريج، وذكره ابن الجوزي في المنتظم 1/ 129 من قول أبي هريرة دون إسناد ولا عزو. والخشفة: حجارة تنبت من الأرض تباتًا.
(¬4) "الصحاح": (خشف).
(¬5) أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 548.
(¬6) أخرجه الحاكم 2/ 512 من طريق عطاء عن ابن عباس، وذكره ابن الجوزي في المنتظم 1/ 128.

الصفحة 43