كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

وقال ابن عباس: ما من ظالم إلا وهو يخاف أن يسقط عليه حجر من ساعة إلى ساعة.
وقال مجاهد: لم ينكسرْ عند رفعهم إناء، ولم يُرَقْ عند ذلك ماء. ثم تبع جبريل رعاتهم فقتلهم. وقال مقاتل: كانت الحجارة التي رُموا بها سودًا منقَّطة ببياض مثل رؤوس الإبل (¬1) على كل واحد اسم صاحبه.
وقال ابن عباس: سمعتْ امرأته الهدَّة فالتفتت، فوأت العذاب، فقالت: واقوماه! فأصابها حجر فقتلها.
وروى السُّدي عن أشياخه قال: لما أهلك الله قوم لوط لحق لوط بإبراهيم، فلم يزل معه حتى توفي (¬2).
وحكى أبو القاسم ابن عساكر عن علي بن الجارود قال: مررت أنا وصاحب لي بمدائن قوم لوط عشيَّة عرفة، وإذا برجل كوسج أشعث أغبر على جمل أحمر، فسألَنا عن حالنا، فأخبرناه وقلنا: من أنت؟ فتغافل، فقلنا: لعلك إبليس، قال: نعم، قلنا: يا ملعون من أين جئت؟ قال: من عرفة رأيت من أذنب خمسين سعنة، فقلت: اليوم أشفي صدري منه، فنزلت عليه الرحمة، فشققت ثيابي ووضعت التراب على رأسي، وجئت إلى ها هنا أنظر إلى قوم لوط لعلَّ يسكن ما بي (¬3).
وقلب الله حبوبهم (¬4) حجارة وأثرها عند سَدُوم إلى الآن، وصيَّر بساتينهم بحيرة زُغَر، فجعلها منتنة لا يعيش فيها حيوان، لا من السمك ولا من غيره.
ويقال: إن في وسطها مكانًا مثل البالوعة يذهب فيه الماء لا يُدْرَى أين يذهب.
ويقال: إنه يذهب إلى اليمن. ويظهر من هذه البحيرة حجر مثل البطيخة ذو شكلين يعرف بالحجر اليهودي ينفع لمن به وجع الحصى في المثانة، وهو نوعان: ذكر وأنثى، فالذكر للذكر والأنثى للأنثى، ويخرج منها أيضًا شيء على هيئة الحيوان يقال له:
¬__________
(¬1) في (ب): "الإبر".
(¬2) انظر في تفصيل هذه القصة بطولها: تفسير الطبري 15/ 381 فما بعدها، وزاد المسير 4/ 127 فما بعدها، وغيرهما من كتب التفسير ومن المصادر التي أحلنا عليها أول القصة.
(¬3) تاريخ دمشق 60/ 48.
(¬4) في (ب): "وجوههم".

الصفحة 443