كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

إليه، وذكره.
وفي رواية: وعزَّتي لو كانا ميتين لأخرجتهما لك حتَّى تنظر إليهما، وإنما وجدت عليك لأنك ذبحت شاةً فقام ببابك مسكين فلم تطعمه منها شيئًا، وإن أحبَّ خلقي إليَّ الأيتام ثم المساكين، فاصنع طعامًا وادعُ إليه المساكين، فصنع طعامًا وقال: من كان صائمًا فليفطر الليلة عند آل يعقوب.
وذكر الثعلبي عن وهب قال: أوحى الله إلى يعقوب: أتدري لم عاقبتك وحبست يوسف عنك ثمانين سنة؟ قال: لا يا إلهي، قال: لأنك شويتَ عَنَاقًا وقتَّرتَ على جارك فلم تطعمه. وفي رواية: وقف على بابك سائلٌ اسمه دانيال فرددته خائبًا، فانصرف حزينًا.
قال: وقال وهب والسُّدي وغيرهما (¬1): جاء جبريل - عليه السلام - إلى يوسف وهو في السِّجن فقال: هل تعرفني أيها الصدِّيق؟ قال: أرى صورةً طاهرةً وريحًا طيبة، قال: أنا الروح الأمين، رسولُ ربِّ العالمين، قال: فما الَّذي أدخلك مدخل المذنبين، وأنت أطيب الطيبين، ورأس المقربين، قال: ألم تعلم يا يوسف أن الله يطهر البيوت والأرضين بالنبيين وقد طهَّر بك السجن وما حوله يا أطهر الطاهرين وابن الصالحين المخلصين، قال: وكيف لي باسم الصدِّيقين، وأنا في عداد المذنبين، وقد دخلت مدخل العاصين؟ قال: لأنك لم تعصِ ربّك ولم تطع امرأة العزيز فلذلك ألحقك الله بآبائك الصالحين، قال: هل لك علمٌ بيعقوب؟ قال: نعم وهَب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم، قال: فما قدْر حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى، قال: فما له من الأجر؟ قال: أجرُ مائةِ شهيد، قال: أفتراني لاقيه؟ قال: نعم؛ فطابت نفس يوسف وقال: ما أبالي ما لقيتُ إن رأيته.
وقال مقاتل: أوحى الله إلى يعقوب أتدري لم عاقبتك؟ قال: لا، قال: لأنك ذبحتَ شاةً وهي تنظر إلى سخلتها، فعاقبتك بفراق ولدك لتذوقَ ألم الفراق.
وقال أبو حنيفة النُّوبي: فأراه دمًا بدم، وفرقة بفرقة، وحرقة بحرقة، فقال: يا إلهي
¬__________
(¬1) تفسير الثعلبي 5/ 249 - 250، و"عرائس المجالس" 137.

الصفحة 516