كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

فولدي حيّ؟ قال: نعم وسوف تراه. فما ذبح بعدها شاة ولا أكل إلا مع مسكين أو يتيم.
وقيل إنه مال إليه بقلبه فابتلي بفراقه.
{وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86] قال ابن عباس: أعلم أن رؤيا يوسف صادقة، وأنكم ستسجدون له.
وقال مجاهد: دخل ملك الموت على يعقوب فقال له: هل قبضت روح يوسف؟ قال: لا، فطمع في لقائه.
وقال مجاهد: خرج يعقوب إلى البرية فرأى ذئبًا فسلَّم عليه وكلَّمه فقال له يعقوب: أكلتم ولذي وقرةَ عيني، قال: لا والله يا يعقوب، إنَّ الله حرَّم علينا لحومَ أولاد الأنبياء، فحينئذ قال لبنيه: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيأَسُوا} أي: تقنطوا {مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} أي: من فَرَجه ورحمته {إِنَّهُ لَا يَيأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] وقال ابن عباس: التحسس -بالحاء المهملة- في الخير، وبالجيم في الشرّ.
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيهِ} وفي الآية إضمار تقديره: فخرجوا راجعين إلى مصر فدخلوا على يوسف {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ} أي: يا أيها الملك بلغة حمير {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} الجوع والقحط {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} أي: قليلة كاسدة غير نافقة.
واختلفوا في هذه البضاعة ما كانت، على أقوال:
أحدها: كانت دراهم زيوفًا لا تَنْفُقُ إلا بوضيعة (¬1)، قاله ابن عباس. والثاني: أنها متاع الأعراب الصوف، قاله باذان.
والثالث: السمن. والرابع: حبّ الصنوبر وحبة الخضراء، قاله مقاتل.
والخامس: كانت فلوسًا، قاله ابن جبير.
والسادس: كانت أَقِطًا، قاله الحسن.
والسابع: سَويق المُقْل (¬2).
¬__________
(¬1) يعني بنقصان.
(¬2) طعام يتخذ من دقيق الشعير أو الحنطة.

الصفحة 517