كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 1)

وقال ابن المنادي: والشَّأم الثانية: حِمْصُ وأعمالها، وكانت مركز ملوك الروم، وكان زيتونها وقنواتها متصلة بتَدمُر وبَعْلَبك، ومن سواحلها طَرابُلُسُ وما والاها، وقد نزلها خَلْقٌ من الصحابة.
قال: والشَّأم الثالثة: وهي الغوطة، ومدينتها: دمشق، واختلفوا في الذي بناها على أقوال:
القول الأول: نوح - عليه السلام -، لما خرج من السفينة، أقام بثَمانِين (¬1) مدة، ثم جاء إلى الشام، فأشرف من جبال الغوطة على الغوطة فأعجبته، فشرع في بنائها واتخذها دارًا، وهي أولُ مدينةٍ خُطَّت بعد الطوفان. قاله النضر بن شميل.
والقول الثاني: بيوراسب، وبنى بعدها صُورَ بالساحل. قاله مجاهد.
والقول الثالث: عاد بن عوص، وأنها المشار إليها بقوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7]. قاله كعب الأحبار.
والرابع: ذو القرنين الإسكندر الأول، لما عاد من المشرق صعد على عَقبة دُمَّر، ومعه غلام اسمه: دمشق، فرأى المياه ضائعة، لنقال له: يا دمشق، ابن هاهنا مدينة، ورسمها له فبناها. حكاه أبو القاسم ابن عساكر في "تاريخ دمشق" وقال: كان الغلام يقال له: دمشقش بزيادة شين، قال: وكان وادي دمشق كله شجر الأرز، قال أبو القاسم: والأرزة التي وقعت في سنة ثلاث مئة وثلاث عشرة من ذلك الأرز، وبنى مكان الجامع معبدًا يَعبد الله فيه (¬2).
والقول الخامس: غلام للخليل - عليه السلام -، يقال له: العازَر، وهبه له نمرود لما خرج من النار سالمًا. حكاهُ وهب بن منبه (¬3).
والقول السادس: سليمان - عليه السلام -.
وبَرِيد وجَيْرون اللذان ينسب إليهما باب البَرِيد وباب جَيرون، هما شيطانان في قول
¬__________
(¬1) ثمانين: بليدة عند جبل الجودي، فوق الموصل. "معجم البلدان" 2/ 84.
(¬2) "تاريخ ابن عساكر" 1/ 6 - 7.
(¬3) أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" 1/ 5.

الصفحة 62