كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 1)

به، وفي بعض النُّسَخ: (مِنْ فتْنة) بزيادة (من)، ولا يخرج بذلك عن الإضافة، لأنَّ الحرف المقدَّر في الإضافة قد يَبْرز مثل: لا أَبا لَكَ، أو يُقال: الإضافة إلى محذوفٍ دلَّ عليه المذكور، لا أنَّه مضافٌ إلى المَذكور، ويُروى: (قَريْبًا)، واستَحسنه (ع)، وقال ابن مالك: إنَّه المشهور، ووجَّهه بما سبَق، لكنْ أبو البَقاء قال: إنَّ (قَريبًا) نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: إتيانًا قَريبًا، ولذلك قال: أو مِثْل، فأضافَه إلى الفتْنة، فيُجعل (مِن) متعلقةً به، و (مثْل) مضافٌ لمحذوفٍ كما قرَّرنا، ويُروى: (مِثْلًا، أو قَريبًا) بتنوينهما.
(المسيح) سُمي بذلك لأنَّه يمسَح الأرضَ، أو مَمسُوح العَين.
(الدجال) -بالتشديد-: مِن الدَّجَل، وهو الكَذِب والتَّمْويه، وخَلْط الحقِّ بالباطِل، ووُصِف بالمَسيح أيضًا عيْسى بن مَريم على معنى أنَّه مَسِيْحٌ في الخَير، وفيه أقوالٌ مشهورةٌ.
ووجْه الشَّبه بين فِتْنة القبر والدجَّال الشّدَّة، والهَوْل، والغَمُّ، ولكنْ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27].
(فيقال) هو بيانٌ لـ (يُفتَنون)، ولهذا لم يُعطف.
(ما علمك) الخطاب للمَفتُون، وأفرد بعد أنْ قال: (في قُبُوركم) بالجمع؛ لأنَّه تفصيلٌ لهم، أي: كلُّ واحدٍ يُقال له ذلك؛ لأنَّ السُّؤال عن العِلْم يكون لكلِّ واحدٍ، وكذا الجَواب بخلاف الفتنة.
وسمى بعض البيانيين الانتقالَ من جمعٍ لمفردٍ وعكسُه التفاتًا حيث عمَّم الانتقال من صنْفٍ من الضَّمائر إلى صنفٍ من ذلك النَّوع،

الصفحة 418