كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 1)

ففي ذلك اجتنابُ مَواقِف التُّهَم، وإنْ كانت السَّاحة بريئةً كما قال:
قَدْ قِيْلَ ذَاكَ إِنْ صِدْقًا وإِنْ كَذِبًا ... فَمَا اعتِذَارُكَ مِنْ قَولٍ إِذا قِيْلا
نعَمْ، عَمِل بظاهر الحديث مالكٌ، فقال: الرَّضاع يثبُت بشَهادة المرضِعة وحدَها؛ لتحقُّقها، لكن الأكثَر حَمَلُوه على الاحتياط والورعَ لا الحُكم بثُبوت الرَّضاع، وفَساد النكاح؛ إِذْ لم يَجرِ ترافُعٌ، ولا أَداء شهادةٍ بل مُجرَّد إخبارٍ واستفسارٍ، لكنَّه مما يَشهد فيه النِّساء الخُلَّص أربعٌ عند الشَّافعي، وثنتان عند مالك.
قال التَّيْمِي: معنى الحديث الوَثيقَة في الفُروج، وليس قول المرأة الواحدة شهادةً يجوز بها الحُكم في أصلٍ من الأُصول، وليس في الحديث تعرُّضٌ لاعتبار عدَدٍ في الرَّضَعات، ولا نفيُه، فالشَّافعي وأحمد قيَّداه بخمسٍ؛ لحديث عائشة: "كانَ فيمَا أُنزِلَ [عشْرُ] رضَعاتٍ يُحرِّمْنَ"، فنُسِختْ بخمسٍ، وقال مالك وأبو حنيفة: يُحرِّم قليلُ الرَّضاع وكثيرُه، وقال داوُد وأَبو ثَورٍ: أقلُّه ثلاث رضَعاتٍ.
(ففارقها)؛ أي: صُورةً، أو طلِّقْها احتياطًا، وإنْ كان الرضاع ليس حقيقةً، فذلك لتَحِلَّ لغيره.
قال (ط): وفي الحديث حِرْصهم على العِلم، وإِيثارهم ما يُقرِّب إلى الله تعالى.

الصفحة 426