كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ كُنْتِ حَرِيصَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى مُكْثِهِ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ حَلِيمَةُ: إنَّهُ قَدْ بَلَغَ اللَّهُ بِابْنِي وَقَضَيْتُ الذِي عَلَيَّ، وتَخَوَّفْتُ الأَحْدَاثَ عَلَيْهِ، فَأَدَّيْتُهُ إِلَيْكِ كَمَا تُحِبِّينَ، فَقَالَتْ آمِنَةُ: مَا هَذَا شَأْنُكِ، فَأَصْدِقِينِي خَبَرَكِ.
قالَتْ حَلِيمَةُ: فَلَمْ تَدَعْنِي حتَّي أَخْبَرتُهَا، فقَالَتْ آمِنَةُ: أَفتَخَوَّفْتِ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ؟
قالَتْ حَلِيمَةُ: نَعَمْ، فَقَالَتْ آمِنَةُ: كَلَّا، وَاللَّهِ مَا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ، وَإِنَّ لِابْنِي لَشَأْنًا دَعِيهِ عَنْكِ (¬1)

* وَفَاةُ آمِنَةَ أُمِّ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:
ولَمَّا بَلَغَ -صلى اللَّه عليه وسلم- سِتَّ سِنِينَ تُوُفِّيَتْ وَالِدَتُهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ بِالْأَبْوَاءَ (¬2)، وهِيَ رَاجِعَةٌ بِهِ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ زِيَارَةٍ قَامَتْ بِهَا مَعَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَي أَخْوَالِ جَدِّهِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، بِالْمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ (¬3).
¬__________
(¬1) أخرج قصة استرضاع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند حليمة السعدية: ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (6335) - وابن إسحاق في السيرة (1/ 202) - وسندها منقطع، لكن للقِصَّة شواهد صحيحة -كما ذكرنا- تدل علي صحة القصة.
(¬2) الأبْوَاءُ: سُمِّيت بذلك: لتَبَوُّءَ السُّيُول بها، وهي قَرْيَةٌ مِنْ أعمال الفُرع من المدينة، بينها وبين الجُحْفَةِ مما يَلِي المدينة ثلاثة وعشرون مِيلًا، وقيل: الأبواء جَبَل على يَمين آرَةَ، ويمين الطريق للمصعد إلى مكة من المدينة، وهناك بلد يُنْسب إلى هذا الجبل. انظر معجم البلدان (1/ 73).
(¬3) انظر سيرة ابن هشام (1/ 204).

الصفحة 103