كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

بَيْنَهُمْ أَيَّمَا اشْتِهَارٍ، ولَبَقِيَ عِنْدَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- حِسُّ النُّبُوَّةِ، ولَمَا أَنْكَرَ مَجِيءَ الوَحْيِ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِغَارِ حِرَاءٍ، وأتَى خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَائِفًا عَلَى عَقْلِهِ. . . وأَيْضًا فَلَوْ أَثَّر هَذَا الخَوْفُ فِي أَبِي طَالِبٍ وَرَدَّهُ، كَيْفَ كَانَتْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنَ
السَّفَرِ إِلَى الشَّامِ تَاجِرًا لِخَدِيجَةَ؟
وفِي الحَدِيثِ أَلْفَاظٌ مُنْكَرَةٌ، تُشْبِهُ ألْفَاظَ الطُرُقِيَّةِ (¬1)، مَعَ أَنَّ ابْنَ عَائِذٍ قَدْ رَوَى مَعْنَاهُ فِي مَغَازِيهِ دُونَ قَوْلهِ: وبَعَثَ مَعَهُ أبَا بَكْرٍ وَبِلَالًا (¬2).
قُلْتُ: وَقَعَ عِنْدَ ابنِ إِسْحَاقَ (¬3) بِنَحْوِ سِيَاقِ التِّرْمِذِيِّ، ولَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ولَكِنَّهَا بِدُونِ سَنَدٍ، فَيُسْتَأْنَسُ بِرِوَايَتِهِ لِإِمَامَتِهِ في المَغَازِي.
ورَحِمَ اللَّهُ أَحْمَد شَوْقِي حَيْثُ قَالَ:
لَمَّا رَآهُ بَحِيرَا قَالَ نَعْرِفُهُ ... بِمَا حَفِظْنَا مِنَ الْأَسْمَاءَ وَالسِّيَمِ (¬4)

* رَعْيُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- للْغَنَمِ:
قَالَ ابنُ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ: وكَانَ أَبُو طَالِبٍ لَا مَالَ لَهُ (¬5).
¬__________
(¬1) الطُّرُقِيَّة: هم الصُّوفِية.
(¬2) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة للإمام الذهبي (1/ 58).
(¬3) انظر سيرة ابن هشام (1/ 217).
(¬4) السيّم: جمع سيمة، وهي العلامة. انظر لسان العرب (6/ 441).
ومنه قوله تَعَالَى في سورة الفتح آية (29): {. . .سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}.
(¬5) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 56).

الصفحة 112