كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وعَلَيْهِ إِزَارُهُ، فَقَالَ لَهُ العَبَّاسُ عَمُّهُ: يا ابنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ، قَالَ: فَحَلَّهُ، فجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيانًا -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1).
وفِي لفظٍ: لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الحِجَارَةَ، فقَالَ العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَكبتِكَ، فَخَرَّ إلى الأَرْضِ، وطَمَحَتْ (¬2) عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: "أَرِنِي إِزَارِي، فَشَدَّهُ عَلَيْهِ" (¬3).
فَلَمَّا بَلَغَتِ القَبَائِلُ في البُنْيَانِ مَوْصعَ الحَجَرِ الأَسْوَدِ (¬4) تَنَازَعُوا فِيمَنْ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصلاة - باب كراهية التعري في الصلاة - رقم الحديث (364) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحيض - باب الاعتناء بحفظ العورة - رقم الحديث (340) (77).
(¬2) طَمَحَ: أي امْتَدَّ وعَلَا. انظر النهاية (3/ 125).
(¬3) قال الحافظ في الفتح (2/ 25): وفي الحديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مَصُونًا عَمَّا يُسْتَقْبَحُ قَبْلَ البعثةِ وبعدها، وفيه النهي عن التَّعَرِّي بحضْرَةِ النَّاسِ.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل مكة وبنيانها - رقم الحديث (1582) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحيض - باب الاعتناء بحفظ العورة - رقم الحديث (340).
(¬4) الحَجَرُ الأسْوَدُ: هو أفضَلُ وأطْهَرُ الأحْجَارِ على وَجْهِ الأَرْضِ، وقد وَرَدَ في فَضْلِ تَقْبِيلِهِ أحاديثُ كَثِيرَة منها:
ما رواه ابن حبان في صحيحه بسند صحيح - رقم الحديث (3711) عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ لهذَا الحَجَرِ لِسَانًا وشَفَتَيْنِ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ يوم القِيَامَةِ بِحَقٍّ".
وروى ابن حبان في صحيحه بسند قوي - رقم الحديث (3698) عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَسْحُ الحَجَرِ والرُّكْنِ اليَمَانِي يَحُطُّ الخَطَايَا حَطًّا".

الصفحة 137