كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

ولَمَّا لَقِيَ بَحِيرَا الرَّاهِبَ، قَالَ لَهُ بَحِيرَا: أسْأَلُكَ بِاللَّاتِ والعُزَّى إِلَّا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أسْأَلُكَ عَنْهُ، وكَانَ بَحِيرَا سَمعَ قَوْمَهُ يَحْلِفُونَ بِهِمَا، فقَالَ لهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَسْأَلْنِي بِحَقِّ اللَّاتِ والعُزَّى شَيْئًا، فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا قَطُّ بُغْضِي لَهُمَا" (¬1).
وَرَوَى النَّسَائِيُّ في السُّنَنِ الكُبْرَى بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنْ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . كَانَ صَنَمَانِ مِنَ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُمَا: إسَافٌ، وَنَائِلَةُ يَتَمَسَّحُ بهِمَا المُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا (¬2)، فَطَافَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وطُفْتُ مَعَهُ، فلَمَّا مَرَرْتُ، مَسَحْتُ بِهِ، فقَالَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَمَسَّهُ"، قَالَ زَيْدُ: فَطُفْنَا، فَقُلْتُ في نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُ حتَّى أَنْظُرَ ما يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَمَسَّهُ، أَلمْ تُنْهَ؟ ".
قَالَ زَيْدٌ: فَوَالَّذِي أكْرَمَهُ، وأنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ ما اسْتَلَمَ صَنَمًا قَطُّ حتَّى أكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بالذِي أَكْرَمَهُ، وأنْزَلَ عَلَيْهِ (¬3).

* بُغِّضَ إلى رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الشِّعْرُ:
وكَذَلِكَ بُغِّضَ إِلَيْهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَوْلُ الشِّعْرِ (¬4) فَلَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ شِعْرًا، أَوْ
¬__________
(¬1) تقدَّم تخريج حديث بَحِيرا الرَّاهِب، وأنه صحيح.
(¬2) يعنِي حَوْلَ الكَعْبَةِ.
(¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبري - كتاب المناقب - باب زيد بن عمرو بن نفيل - رقم الحديث (8132) - والذهبي في السيرة النبوية (1/ 73) وقال: هذا حديث حسن - وأورده الحافظ في الفتح (4/ 308) - وقوى إسناده.
(¬4) روي الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (25020) - والطيالسي في مسنده - رقم =

الصفحة 144