كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

وهُوَ القَائِلُ لِحَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ -رضي اللَّه عنه- (¬1): "اهْجُ المُشْرِكِينَ، فإنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ" (¬2).

* لَمْ يَشْرَبْ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَمْرًا، وَلَا قَرُبَ مِنْ فَاحِشَةٍ:
ولَمْ يَشْرَبْ خَمْرًا قَطُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا اقْتَرَفَ فَاحِشَةً، ولا انْغَمَسَ فِيمَا كَانَ يَنْغَمِسُ فيهِ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ حِينَئِذٍ مِنَ اللَّهْوِ، واللَّعِبِ، والمَيْسِرِ، ومُصَاحبَةِ الأشْرَارِ ومُعَاشَرَةِ القِيَانِ (¬3)، . . . عَلَى ما كَانَ عَلَيْهِ مِنْ فتوَّةٍ وشَبَابٍ، وشَرَفٍ ونَسَبٍ، وعِزَّةِ قَبِيلَةٍ، وكَمَالٍ، وجَمَالٍ، وغَيْرِهَا مِنْ وَسَائِلِ الإغْرَاءِ.
ولقَدْ كَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَذْكُرُ ذلكَ، وهُوَ كَبِيرٌ، ويَعُدُّهُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيهِ، وعِصْمَتِهِ لَهُ، فقدْ رَوَى ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ والحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "ما هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُ بهِ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ، كِلْتَاهُمَا عَصَمَنِي اللَّهُ مِنْهُمَا، قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى كَانَ مَعِيَ منْ قُرَيْشٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ في غَنَمٍ لِأَهْلِنَا
¬__________
(¬1) هو حسَّانُ بنُ ثابتِ بنِ المُنْذِرِ الأنصاريُّ الخَزْرَجِيُّ -رضي اللَّه عنه-، شاعرُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وسيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِينَ، والمؤيَّدُ بِرُوحِ القُدُسِ، كان يَضَعُ لهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْبرًا في المَسْجِدِ يقُومُ عليهِ يُنَافِحُ عنهُ، عاشَ -رضي اللَّه عنه- سِتِّينَ سنَةً في الجاهليَّةِ، وسِتِّينَ سنةً في الإسلامِ، وماتَ -رضي اللَّه عنه- في خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ سنةَ أربعٍ وخَمْسِين منَ الهجرة. انظر الإصابة (2/ 55).
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب مرجعِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الأحزاب - رقم الحديث (4124) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب فضائل حسان بن ثابت -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (2486).
(¬3) القِيَانُ: الإِمَاءُ المُغَنِّيَاتُ. انظر النهاية (4/ 118).

الصفحة 146