كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يَصْنَعُ ما تَصْنَعُ قُرَيْشٌ مِنْ عَدَمِ وُقُوفِهَا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَاتٍ، ووُقُوفُهَا بِالمُزْدَلِفَةِ، فَقَدْ رَوى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ جبيْرِ بنِ مُطْعِمٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي، فَدَخَلْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ. . . (¬1).

* كَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعْرُوفًا بالأَمَانَةِ:
وَكَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَحَلَّ ثِقَةِ النَّاسِ وأمَانَاتِهِمْ، لا يَأْتَمِنُهُ أَحَدٌ عَلَى وَدِيعَةٍ مِنَ الوَدَائِعِ إِلَّا أدَّاهَا لَهُ، ولا يَأْتَمِنُهُ أَحَدٌ عَلَى سِرٍّ أَوْ كَلامٍ إِلَّا وَجَدَهُ عِنْدَ حُسْنِ الظَّنِّ بهِ، فلا عَجَبَ أَنْ كَانَ مَعْرُوفًا في قُرَيْشٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بالأمِينِ.

* كَانَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ:
وَكَانَ الصِّدْقُ مِنْ صِفَاتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- البَارِزَةِ، شَهِدَ لهُ بِذَلِكَ العَدُوُّ والصَّدِيقُ، ولمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلى النَّاسِ جَمِيعًا، وأمَرَهُ أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الأقْرَبِينَ، صارَ يُنَادِي بُطُونَ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا حضَرُوا قَالَ لَهُمْ: "أرَأَيْتُكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ، أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ " قالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قَطُّ (¬2).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب الوقوف بعرفة - رقم الحديث (1664) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب في الوقوف. . . - رقم الحديث (1220).
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير - باب {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} - رقم الحديث (4770) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} - رقم الحديث (4971) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} - رقم الحديث (208).

الصفحة 148