كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

عَلَى نَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ. . .}، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ (¬1).
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ والإمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ الجِنُّ يَسْتَمِعُونَ الوَحْيَ فيَسْتَمِعُونَ الكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، ومَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لا يُرْمَى بهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ أحَدُهُمْ لا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلَّا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقَ ما أصَابَ، فشَكَوْا ذَلِكَ إلى إبْلِيسَ، فقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا مِنْ أمْرٍ قَدْ حَدَثَ. فَبَثَّ جُنُودَهُ، فإذا هُمْ بِالنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةٍ، فأتَوْهُ فأخْبَرُوهُ، فقَالَ: هَذَا الحَدَثُ الذِي حَدَثَ في الأَرْضِ (¬2).
قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرَ عبدُ الرَّزَّاقِ، في تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذَا الرَّمْي بِالنُّجُومِ: أكَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ولَكِنَّهُ إذْ جَاءَ الإِسْلَامُ غُلِّظَ وَشُدِّدَ (¬3).
وفي قَوْلهِ تَعَالَى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الأذان - باب الجهر بقراءة صلاة الفجر - رقم الحديث (773) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب قال ابن عباس: لِبَدًا أعوانًا - رقم الحديث (4921) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الصلاة - باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن - رقم الحديث (449).
(¬2) أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة الجن - رقم الحديث (3613)، وأخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (2482).
(¬3) قال الحافظ في الفتح (9/ 676): وهذا جمعٌ حسن.

الصفحة 157