كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: والذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الحَدِيثِ (¬1) الذِي فِيهِ المُبَالَغَةُ في رَمْيِ الشُّهُبِ لِحِرَاسَةِ السَّمَاءِ مِنِ اسْتِرَاقِ الْجِنِّ السَّمْعَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ المَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، وإنْزَالِ الوَحْي إلى الأَرْضِ، فَكَشَفُوا ذَلِكَ إِلَى أَنْ وَقَفُوا عَلَى السَّبَبِ، ثُمَّ لمَّا انْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ، وأسْلَمَ مَنْ أسْلَمَ، قَدِمُوا فَسَمِعُوا، فأسْلَمُوا، ثُمَّ تَعَدَّدَ مَجِيئُهُمْ حَتَّى فِي المَدِينَةِ (¬2).
وَقَالَ في مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الفَتْحِ: والذِي تَضَافَرَتْ بِهِ الأَخْبَارُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ في أوَّلِ البِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ ... فَتَكُونُ قِصَّةُ الجِنِّ مُتَقَدِّمَةً مِنْ أوَّلِ المَبْعَثِ، وهَذَا المَوْضِعُ مِمَّا لَمْ يُنَبَّهْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ وَقَفْتُ عَلَى كَلامِهِمْ في شَرْحِ هَذَا الحَدِيثِ (¬3).

* حَدِيثٌ ضَعِيفٌ:
وَأَمَّا مَا أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ في جَامِعِهِ، وأبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ لِي رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الجِنِّ: "مَا فِي إِدَاوَتِكَ (¬4)؟ ، أَوْ رَكْوَتِكَ؟ " (¬5).
¬__________
(¬1) هو حديثُ ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الذِي ذكَرْنَاهُ قَبْلَ قَلِيلٍ مِنْ أمْرِ التِبَاسِ الأمْرِ على الجِنِّ، وبسَبَبِ إرسَالِ الشُّهُبِ عليهم.
(¬2) انظر فتح الباري (7/ 563).
(¬3) انظر فتح الباري (9/ 674).
(¬4) الإدَاوَةُ: بكَسْرِ الهمزةِ إنَاءٌ صَغِيرٌ من جِلْدٍ يُتَّخَذُ للمَاءِ. انظر النهاية (1/ 36).
(¬5) الرَّكْوَةُ: بفتحِ الرَّاء إناءٌ صغيرٌ مِنْ جِلدٍ يُشْرَبُ فيهِ الماءُ. انظر النهاية (2/ 237).

الصفحة 161