كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

قلتُ: نَبِيذٌ، قَالَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، ومَاءٌ طَهُورٌ"، فتَوَضَّأَ مِنْهُ (¬1).
فهَذَا الحَدِيثُ ضَعِيفٌ، فإنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ لَيْلَةَ لِقَائِهِ بِالجِنِّ أَوَّلَ مَرَّةٍ.
قال الحافِظُ في الفَتْحِ: هذَا الحَدِيثُ أطْبَقَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ عَلَى تَضْعِيفِهِ (¬2).
قُلْتُ: وقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-: أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ لَيْلَةَ الجِنِّ مَعَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوَّلَ مَرَّةٍ-، ولَفْظُهُ: قَالَ عَلْقَمَةُ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنه-: هَلْ صَحِبَ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟
فقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، ولَكِنَّا قَدْ فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْنَا: أُغْتِيلَ؟ اسْتُطِيرَ (¬3)؟ مَا فَعَلَ؟
قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ -أَوْ قَالَ فِي السَّحَرِ- إِذَا نَحْنُ بهِ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ، فقُلْنَا: يا رسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرُوا الذِي كَانُوا فِيهِ.
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي في جامعه - كتاب الطهارة - باب الوضوء بالنبيذ - رقم الحديث (88) - وأبو داود في سننه - كتاب الطهارة - باب الوضوء بالنبيذ - رقم الحديث (84) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (3782) (3810) - وأورده ابن الأثير في جامع الأصول - رقم الحديث (5047).
(¬2) انظر فتح الباري (1/ 471).
(¬3) قال النووي في شرح مسلم (4/ 141): معنى استُطِير: أي طارت به الجنّ.

الصفحة 162