كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

عَنْهُ الْبُيُوتُ، وَيُفْضِي إِلَى شِعَابِ (¬1) مَكَّةَ وَبُطُونِ أَوْدِيَتِهَا، فَلَا يَمُرُّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (¬2)، قَالَ: فَيَلْتَفِتُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَوْلَهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَشِمَالِهِ، وَخَلْفِهِ، فَلَا يَرَى إِلَّا الشَّجَرَ وَالْحِجَارَةَ، فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَذَلِكَ يَرَى وَيَسْمَعُ، مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عليهِ السَّلامُ بِمَا جَاءَهُ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ، وَهُوَ بِحِرَاءٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (¬3).

* رَابِعًا: سَمَاعُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّوْتَ وَرُؤْيَتُهُ الضَّوْءَ:
رَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةٍ، يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَيَرَى الضَّوْءَ (¬4) سَبْعَ سِنِينَ، وَلَا يَرَى شَيْئًا، وَثَمَانَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ (¬5).
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ
¬__________
(¬1) الشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بينَ جَبَلَيْنِ. انظر لسان العرب (7/ 126).
(¬2) قال الإمام السهيلي في الرَّوْض الأُنُف (1/ 399): وهذا التَّسْليمُ الأظهَرُ فيه أَنْ يَكونَ حَقِيقةً، وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى أنْطَقَهُ إنْطاقًا كما خَلَقَ الحَنِينَ في الجِذْعِ.
أخرج قصة حنين الجذع: البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام - رقم الحديث (3583) (3584) (3585).
(¬3) انظر سيرة ابن هشام (1/ 271).
(¬4) قال القاضي عياض في شرح مسلم (8/ 85): أي صَوْتُ الهَاتِفِ به مِنَ المَلائِكَةِ، ويرى الضَّوْءَ أي نُورَ المَلائِكَةِ، ونُورَ آياتِ اللَّه تَعَالَى حتى رَأى المَلَكَ بَعَيْنِهِ، وشَافَهَهُ بِوَحْيِ اللَّه تَعَالَى.
(¬5) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الفضائل - باب كم أقام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة والمدينة - رقم الحديث (2353) (123).

الصفحة 168