كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

* فُتُورُ الْوَحْي (¬1):
فَتَرَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ أَوَّلِ مَرَّةٍ رَأَى جِبْرِيلَ عليهِ السَّلامُ فِيهَا، مُدَّةً يَسِيرَةً، فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: حُبِسَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَجَعَلَ يَخْلُو فِي حِرَاءٍ (¬2).
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَكَانَ ذَلِكَ -أَيْ فُتُورُ الْوَحْي- لِيَذْهَبْ مَا كَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجَدَهُ مِنَ الرَّوْعِ، وَليَحْصُلَ لَهُ التَّشَوُّفُ إِلَى الْعَوْدِ (¬3).

* رِوَايَةٌ مُرْسَلَةٌ ضَعِيفَةٌ:
قُلْتُ: وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ: . . . حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى (¬4) بِذَرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِي مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ (¬5)، وَتَقَرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْي غَدَا
¬__________
(¬1) قال الحافظ في الفتح (1/ 40): فتورُ الوحي عِبارةٌ عَنْ تأخُّرِهِ مُدَّةً منَ الزَّمانِ.
(¬2) أخرجه الإمام أحمد في المسند - رقم الحديث (15033).
(¬3) انظر فتح الباري (1/ 40).
(¬4) أوْفَى: أي أشْرَفَ وطَلَعَ. انظر النهاية (5/ 184).
(¬5) الجَأْشُ: القَلْبُ، يقال: فلانٌ رابِطُ الجَأْشِ: أي ثَابِتُ القَلْبِ لا يَرْتَاعُ، ولا ينزَعِجُ للعظَائِمِ والشَّدَائِدِ. انظر النهاية (1/ 225).

الصفحة 177