كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذَرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ (¬1).
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَهَذِهِ الْقِصَّةُ وَهِيَ مِنْ بَلَاغَاتِ الزُّهْرِيِّ، وَلَيْسَ مَوْصُولًا (¬2).
قُلْتُ: وَلذَلِكَ لَمْ يَرْوِ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْوَحْي، وَإِنَّمَا رَوَاهَا فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ، لِيُبَيِّنَ ضَعْفَهَا.

* مُدَّةُ فُتُورِ الْوَحْي:
أَمَّا مُدَّةُ فُتُورِ الْوَحْي فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهَا كَانَتْ أَيَّامًا (¬3)، وَهَذَا الَّذِي يَتَرجَّحُ بَلْ يَتَعَيَّنُ، وَأَمَّا مَا اشْتَهَرَ مِنْ أَنَّهَا دَامَتْ سِنَتَيْنِ وَنِصْفٍ أَوْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ بَعْدَ إِدَارَةِ النَّظَرِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ (¬4).
قَالَ الدُّكْتُور مُحَمَّدْ أَبُو شَهْبَة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالَّذِي أُرَجِّحُهُ وَأَمِيلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا كَانَتْ أَيَّامًا، وَأَنَّ أَقْصَاهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا، أَمَّا أَنْ يَقْضِي النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلَاثَ سَنِينَ أَوْ سَنَتَيْنِ وَنِصْف مِنْ عُمُرِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنْ غَيْرِ وَحْيِ وَدَعْوَةٍ فَهَذَا مَا لَا تَقْبَلُهُ الْعُقُولُ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلٌ صَحِيحٌ (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التعبيرِ - بابُ أوَّل ما بُدِئَ به رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوحي - رقم الحديث (6982).
(¬2) انظر فتح الباري (14/ 383) - وانظر السِّلسلةَ الضَّعيفة للألباني رَحِمَهُ اللَّهُ - رقم الحديث (4858).
(¬3) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 94).
(¬4) انظر الرَّحيق المختوم ص 69.
(¬5) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة في ضوءِ القرآنِ والسُّنةِ للدكتور محمد أبو شهبة (1/ 264).

الصفحة 178