كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

طَهَارَةُ نَسَبِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-
ولَمْ يَزَلِ الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَنَقَّلُ مِنْ أصْلَابِ الآبَاءَ الطَّاهِرِينَ إِلَى أرْحَامِ الأُمَّهَاتِ الطَّاهِرَاتِ لَمْ يَمَسَّ نَسَبُهُ الشَّرِيفَ شَيْءٌ مِنْ سِفَاحِ وأدْرَانِ الجَاهِلِيَّةِ، بلْ هُوَ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ سُلَالَةٍ كُلُّهُمْ سَادَةٌ أشْرَافٌ أطْهَارٌ.
رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ في دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بالشَّوَاهِدِ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ، ولَمْ أخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدم إِلَى أَنْ وَلَدَنِي أَبِي وأُمِّي، لَمْ يُصِبْنِي مِنْ سِفَاحِ الجَاهِلِيَّةِ شَيءٌ" (¬1).
قَالَ الدُّكْتُورْ مُحَمَّد أَبُو شَهْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى جَرَتْ سُنَّتُهُ أَنْ لا يَبْعَثَ نَبِيًّا إلَّا في وَسَطٍ مِنْ قَوْمِهِ شَرَفًا، ونَسَبًا، فَقَدْ كَانَ في الذُّرْوَةِ مِنْ هَذِهِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَمَا مِنْ آبَائِهِ إلَّا كَانَ غَنِيًّا بالفَضَائِلِ والمَكَارِمِ، ومَا مِنْ أُمٍّ مِنْ أُمَّهَاتِهِ إلَّا وَهِيَ أَفْضَلُ نِسَاءِ قَوْمِهَا نَسَبًّا ومَوْضِعًا، ولَمْ
¬__________
(¬1) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (1/ 57)، وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى ص 42، وأورده الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ في البداية والنهاية (1/ 658)، وقال: هذا مرسل جيد.
قلتُ: وللحديثِ شَوَاهدٌ عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَرْتَقِي بها إلى الحَسَنِ -وانظر صحيح الجامع للألباني رحمه اللَّه- رقم الحديث (3225).

الصفحة 46