كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (¬1).
وَبِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بَيْنَ أَبْنَاءِ الأوْسِ وَالخَزْرَجِ وَسُكَّانِ المَدِينَةِ مِنَ العَرَبِ المُشْرِكِينَ تِلْكَ الفَجْوَةُ العَمِيقَةُ الوَاسِعَةُ مِنَ الجَهْلِ وَالنُّفُورِ مِنَ المَفَاهِيمِ الدِّينِيَّةِ، وَالسُّنَنِ الإلهِيَّة، التِي كَانَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَجِيرَانِهِم مِنْ العَرَبِ، بَلْ قَدْ عَرَفُوهَا وَأَلِفُوهَا عَنْ طَرِيقِ اليَهُودِ وَأَهْلِ الكِتَابِ، الذِينَ كَانُوا يَخْتَلِطُونَ بِهم بِحُكْمِ البَلَدِ وَالجِوَارِ وَالصُّلْحِ وَالحَرْبِ وَالمُحَالفَاتِ، فَلَمَّا تَعَرَّفُوا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدْ حَضَرُوا المَوْسِمَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، ارْتَفَعَتْ الغِشَاوَةُ عَنْ عُيُونِهِمْ، وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ هَذِهِ الدَّعوَةِ عَلَى مِيعَادٍ (¬2).
* * *
¬__________
(¬1) سورة البقرة آية (89) - وانظر سيرة ابن هشام (2/ 42).
(¬2) انظر السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي رحمه اللَّه تعالى ص 156 - 157.

الصفحة 578