كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

ثُمَّ رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى المَرْأَةِ، وَقَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِي الذِي عَرَضْتِ عَلَيَّ؟
فَقَالَتْ: لَا، مَرَرْتَ وفي وَجْهِكَ نُورٌ سَاطِعٌ، ثُمَّ رَجَعْتَ ولَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ النُّورُ، فَلَيْسَ لِي بِكَ اليَوْمَ حَاجَةٌ (¬1).
وهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْكَرَةٌ سَنَدًا وَمَتْنًا، ومَنْ يَقْرَأُ الرِّوَايَاتِ المُخْتَلِفَةَ عَنْهَا يُدْرِكُ مَدَى الاخْتِلَافِ والاضْطِرَابِ في سَوْقِهَا سَوَاءً في تَعْيِينِ المَرْأَةِ، إذْ مَرَّةً هِيَ خَثْعَمِيَّةٌ، وأخْرَى أسَدِيَّةٌ قُرَشِيَّةٌ، اسْمُهَا قُتَيْلَةُ، وثَالِثَةً عَدَوِيَّةٌ اسْمُهَا لَيْلَى، وكَذَلِكَ فِي صِفَةِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَمَا الْتَقَتْهُ، فَمَرَّةً هُوَ مُطَيَّنُ الثِّيَابِ، وأُخْرَى هُوَ في زِينَتِهِ (¬2).
قَالَ الدُّكْتُور مُحَمَّد أَبُو شَهْبَة رَحِمَهُ اللَّهُ: وفِي الحَقِّ أنِّي فِي شَكٍّ مِنْ هَذَا العَرْضِ (¬3)، . . . واللَّهُ أعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذِهِ القِصَّةِ (¬4).

* وفَاةُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ:
ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ إِلَى الشَّامِ في عِيرٍ (¬5) مِنْ عِيرَاتِ قُرَيْشٍ يَحْمِلُونَ تِجَارَاتٍ، فَفَرَغُوا مِنْ تِجَارَاتِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَمَرُّوا بالمَدِينَةِ وعَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَوْمَئِذٍ مَرِيضٌ، فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أنَا أتَخَلَّفُ عِنْدَ
¬__________
(¬1) أخرج ذلك ابن سعد في طبقاته (1/ 44) - وابن إسحاق في السيرة (1/ 192) - والبيهقي في دلائل النبوة (01/ 107).
(¬2) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة الصحيحة (1/ 95) للدكتور أكرم العمري.
(¬3) أي عَرْضِ هذه المرأةِ نفسهَا على عبدِ اللَّه والدِ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(¬4) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة في ضوء القرآن والسنة (1/ 164) للدكتور محمَّد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ.
(¬5) العِيرُ: هي الإبِل التي كانوا يُتَاجِرون عليها. انظر النهاية (3/ 297).

الصفحة 69