كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

وَكَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشِبُّ شَبَابًا لا يُشْبِهُ الغِلْمَانَ فَلَمْ تَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حتَّى كَانَ غُلَامًا كَأَنَّهُ ابنُ أرْبَعِ سِنِينَ.
قَالَتْ حَلِيمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيَنَا البَرَكَةَ ونَتَعَرَّفُهَا، حتَّى بَلَغَ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَنَتَيْنِ، فَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لا يَشِبُّهُ الغِلْمَانُ (¬1).
وَقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ: فَكَانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَشِبُّ في يَوْمِهِ شَبَابَ الصَّبِيِّ في الشَّهْرِ ويَشِبُّ في الشَّهْرِ شَبَابَ الصَّبِيِّ في سَنَةٍ (¬2).
قَالَ البَرْدُونِيُّ:
وَشَبَّ طِفْلُ الْهُدَى المَنْشُودِ مُتَّزِرًا ... بِالْحَقِّ مُتَّشِحًا (¬3) بِالنُّورِ وَالنَّارِ
فِي كَفِّهِ شُعْلَةٌ تَهْدِي وفِي فَمِهِ ... بُشْرَى وفِي عَيْنَيْهِ إِصْرَارُ أَقْدَارِ
وفِي مَلَامِحِهِ وَعْدٌ وفِي دَمِهِ ... بُطُولَةٌ تَتَحَدَّى كُلَّ جَبَّارِ (¬4)
قالَتْ حَلِيمَةُ: فَقَدِمْنَا بهِ عَلَى أُمِّهِ زَائِرِينَ لَهَا، ونَحْنُ أحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا، لِمَا كُنَّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ، فكَلَّمْنَا أُمَّهُ، وقُلْتُ لَهَا: لَوْ تَرَكْتِ بُنَيَّ عِنْدِي حتَّى يَغْلَظَ، فإنِّي أخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب صفته -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخباره - رقم الحديث (6335) - وإسناده منقطع، لكن للقصَّة شواهد كثيرةٌ ثابتةٌ صحيحةٌ كما مَرَّ قبل قليل.
(¬2) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة للذهبي (1/ 51).
(¬3) تَوَشَّحَ الرجل بِثَوبِهِ: إذا لبسه. انظر لسان العرب (15/ 306).
(¬4) انظر ديوان البردوني ص 507.

الصفحة 91