كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

حَادِثَةُ شَقِّ صَدْرِهِ الشَّرِيفِ -صلى اللَّه عليه وسلم-
وَقَعَتْ حَادَثِةُ شَقِّ صَدْرِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهُوَ فِي بَادِيَةِ بَنِي سَعْدٍ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ في المُسْنَدِ، والحَاكِمِ فِي المُسْتَدْرَكِ عَنْ عُتْبَةَ بنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أوَّلُ شَأْنِكَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟
فقَالَ رسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ، فَانْطَلَقْتُ أنَا وابْنٍ لَهَا فِي بَهْمٍ (¬1) لنَا، ولَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا، فَقُلْتُ: يا أَخِي، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا (¬2)، فَانْطَلَقَ أَخِي، ومَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ، فَأَقْبَلَ طَيْرَانِ أبْيَضَانِ، كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ، فقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي (¬3)، فَأَخَذَانِي فَبَطَحَانِي إِلَى القَفَا، فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي، فَشَقَّاهُ، فأخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ، فقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ، فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ، فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِالسَّكِينَةِ، فَذَرَّاهَا (¬4) فِي قَلْبِي، ثُمَّ
¬__________
(¬1) البَهْمُ: بفتح الباء: جَمْع بَهْمَة، وهي ولد الضَّأْنِ الذكر والأنثى. انظر النهاية (1/ 165).
(¬2) هي حَلِيمة السعدية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
(¬3) تَبَادَرَ القَوْم: أسْرَعُوا. انظر لسان العرب (1/ 340).
(¬4) ذَرَّاها: أي نَثَرها.

الصفحة 93