كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ. . ." وذَكَرَ حَدِيثَ الإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ (¬1).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: ثُمَّ وَقَعَ شَقُّ الصَّدْرِ عِنْدَ إِرَادَةِ العُرُوجِ بِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى السَّمَاءِ لِيَتَأَهَّبَ لِلْمُنَاجَاةِ (¬2).
ويَتَرَجَّحُ لَدَيْنَا -بَعْدَ دِرَاسَةِ أسَانِيدِ هَذِهِ الأحَادِيثِ- أَنَّ الذِي صَحَّ فِي هَذِهِ الحَادِثَةِ -أَيْ حَادِثَةِ شَقِّ الصَّدْرِ- أَنَّهَا وَقَعَتْ لَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَرَّتَيْنِ:
الأُولَى: وهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَ ظِئْرِهِ فِي بَنِي سَعْدٍ، كَمَا فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه-.
والثَّانِيَةُ: فِي لَيْلَةِ الإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، ومَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (¬3).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وجَمِيعُ مَا وَرَدَ فِي شَقِّ الصَّدْرِ، واسْتِخْرَاجِ القَلْبِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ مِمَّا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ دُونَ التَّعَرُّضِ لِصَرْفِهِ عَنْ حَقِيقَتِهِ لِصَلَاحِيَةِ القُدْرَةِ، فَلَا يَسْتَحِيلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الصلاة - باب كيف فُرضت الصلوات في الإسراء؟ - رقم الحديث (349) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السماوات - رقم الحديث (163).
ورواه البخاري في صحيحه من طريق مالك بن صعصعة -رضي اللَّه عنه- كتاب مناقب الأنصار - باب المعراج - رقم الحديث (3887) - ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السماوات - رقم الحديث (164).
(¬2) انظر فتح الباري (7/ 604).
(¬3) انظر الموسوعة الحديثية (19/ 252).
(¬4) انظر فتح الباري (7/ 605).

الصفحة 98